وتأتي الوهلة الأولى ، وحديثها الفاتك يفتك بي ..
إنه مزارًا آثر أن يتولى ، والحس يبعثرهُ تناقضًا بين الرؤى والثرى . ..
إنه انتهاء قدر قد جمعنا ، كنّا قد أحببنا ، وتجادلنا ، واعتدنا حبا جمّا .
انتظرت كثيرًا ما تساءلتُ عنه فيما مضى .. أين حقيقة ما أرى ..
أعلم أنني قد حاولت الهروب ولا لغير الهروب كان المبتغى ..
فلحقني طيفك يشد إزاري وينهي تلك الفكرة ..
وبأن هذه الأيام حلوها حلو لنا .
فأين أنا !؟ وهذا شعور يقتلني حينها ! قد أحببت فيك كل الأحلام والرؤى .. قد أحببت فيك سؤالًا عني ! هل أكلت جيّدًا ! هل طاب منامك ! هل أنت بخير يا ترى !
نعم أحببت فيك كل حب أحببتني به ! أحببت فيك غيرتك ! وما كان من فرحك ! وأحزانك ! وحتى بكاءك القاهر والذي لا أجد طريقة كي أمسحه ! أو احتضنه كي يكتفي عن ازعاجك !
وهل يؤدِّي ذلك إلى أن أفهم هذا الهوى !
وهل كُنتِ قليلة القدر عندي ، لا وكلا ، كُنتِ أسمى من هذا ، كُنتِ رفعة لي ، وقوة استمد بها على آلام حياتي ، والتي كانت ، سابقة الوخز تقلبني كيفما تشاء ولا تبالي ، بحثت عن فؤاد يحتضن ذلك ، حتى وجدتك في موعد لم أكن له أدرى .
وتلك الليالي الحسان حينها .. يتوالى اشتياقي لكِ في كل ساعة ، فتغرّد أحاسيسي حين حضورك الملكي ، وموكبك الشاعري ، ووفد حرفك الحامل رسائل حبك ، دون أن أدري أو أعلم ذلك حينها ..
كنت كالخاتون في أساطيري ، وأندلسية أشعاري ، وشامية الغزل ، وبغدادية الأجل .. كنت أمّة عريقة لا تُرى ولا تتبدد أحلامها ، كنتِ أمة أرفع دائمًا رايتها ، عبر حضوري وتجسيد أحلامي ومسيرة لغزوة تلو غزوة للثقافة والتاريخ ، كانت مشاعري تجاهك ملاحم بطولية ، تقلق مضاجع الأسى والحزن وذلك الضجر ..
حينما قررت أن أهاجر كانت هجرتي لداخلك فقط ، كانت هروبًا من هذه الدنيا ، ومن قتات أرضها ، ومن عنفوان ابتلاءها .
نعم أحببتك ، ولم أجد مجالًا للهروب من ذلك ، حاولت فكانت الحسرة رادعة ، تنهال علي ضربًا بالاشتياق وترشدني بأنه لا فرار فكف عن هذا التكرار .
لا يكفي هذا ، والنحيب يُنسي كل صد وهجران ، يزوران في حالةٍ من هذا الهذيان ، والنفس تأبى الوحدة ، والأمل يبقى بأن تعاد أيامك ، كسابق عهدها ، وما أحلى مهدها ، وما كان من طفولتها ، ليكون وقعها أمٌّ ترعانا أيما افترقنا
استأذنكِ الآن لأن أنتهي حتى تأتي يا أجمل ما كنتِ عليه أنتِ .