كرنكعوه كركاعوه.. عطونا الله يعطيكم.. بيت مكة يوديكم.. يا مكة يا المعمورة.. ياأمّ السلاسل والذهب يا نورة".. كلمات يغنى بها الأطفال في قطر في ليلة "الكرنكعوه" التي توافق ليلة منتصف شهر رمضان من كل عام.

وليلة الكرنكعوه عادة شعبية من التراث القديم يحتفل بها جميع اهالي الخليج حيث يخرج الاطفال في مجموعات من بعد غروب الشمس الي الفرجان الاحياء حاملين معهم اكياسا من القماش ويطوفون علي المنازل القريبة منشدين بتلك الكلمات ويقومون بالطرق علي الابواب بغية ملء الاكياس التي معهم بشتي انواع الحلوي والمكسرات التي يعدها الاهالي خصيصا قبل ايام من هذه المناسبة. وليلة "الكرنكعوه" عادة متعارف عليها في أغلب الدول الخليجية وإن اختلفت التسمية من منطقة إلى أخرى؛ ففي الإمارات يطلق عليها "حق الليلة" أو "حق الله"، وفي عمان يطلق عليها "الطَلْبة"، وهي ليلة "القرقيعان" في السعودية والكويت، أما في البحرين وقطر فتُعرفبليلة "الكرنكعوه". وتستعد المحلات في الوقت الحاضر لهذه الليلة بتجهيز الاكياس التي تقدم اليالاطفال.. الي جانب ذلك تجد كثيرا من متاجر الملابس قد عرضت خصيصا بعض انواع الثيابالتي يرتديها الاطفال في هذه المناسبة التي تتكرر مرة واحدة في السنة0

ويخرج الأطفال في هذه الليلة في أبهى حللهم، يرتدون الملابس التقليدية الزاهية؛ فالفتيات يرتدين "الثوب الزري"، وهو عبارة عن ثوب زاهي اللون مطرز بخيوط ذهبية، يرتدينه فوق الملابس، ويضعن "البخنق"، وهو أيضا قطعة من القماش تغطي رؤوسهن، وتزينها خيوط ذهبية على الأطراف، وعادة يكون لونه أسود، بالإضافة إلى التقلد بالحلي التقليدية.
أما الأولاد فيرتدون عادة الأثواب الجديدة، ويضعون على رؤوسهم "القحفية"، وهي عبارة عن طاقية مطرزة يرتديها الأولاد في الخليج، وقد يرتدون كذلك "السديري" المطرز.
والمعنى اللغوي الصحيح لـ"الكرنكعوه" أو القرقيعان هو "قرة العين في هذا الشهر". فالقرة هي ابتداء الشيء، وبمرور الزمان تحورت الكلمة، وصارت تُنطق "قرقيعان".
ولهذه الليلة نشيد مميز يردده الأطفال، يحمل الكثير من المعاني؛ حيث يدعو الأطفال فيه لأهل البيت بأن يزيدهم الله في هذا الشهر المبارك منرزقه ويطيل عمر أبنائه، فيقولون:
كرنكعوه.. كركاعوه
عطونا الله يعطيكم.. بيت مكة يوديكم
يا مكة يا المعمورة.. ياأم السلاسل والذهب يا نورة
عطونا من مال الله.. يسلم لكم عبدالله
عطونا دحبة ميزان.. يسلم لكم عزيزان
يا بنية يا الحبابة.. أبوجمشرع بابه
باب الكرم ما صكه.. ولا حط له بوابة.
ولا يقتصر دورالأطفال على الطواف في الشوارع والغناء؛ بل إنهم يشاركون آباءهم في إعداد سلات وأكياس للكرنكعوه من الخامات المتوفرة لديهم في المنزل؛ وهو ما ينمي مواهبهم، ويدخل على قلوبهم البهجة، كما يعرفهم بمعنى العطاء. والاكياس التي يحملها الاطفال في هذه الليلة تسمي في قطر الخريطة وهي تشبه المخلاة أو الخرج وهو الكيس الذي يعلق في العنق ويتدلي منه وهو يصنع عادة من القماش وفي بعض المناطق من الجلد0 وكان الاطفال في ليلة الكرنكعوه في بعض المناطق يحملون معهم حصي املس علي شكل دائري او بيضاوي يسمي في قطر الصمية وهو حجر الصوان الاملس الصلب حيث يأخذ كل طفل حصاتين يقرعهما في بعضهما لتحدث صوتا يشبه القرقعة ويستخدمونه كنوع من الايقاع لاغنية الكرنكعوه.. بينما في مناطق اخري يكتفي الاطفال بترديد اغنية الكرنكعوه مع التصفيق ويستمر الاحتفال بليلة الكرنكعوه عادة من الافطار الي ما بعد صلاة التراويح او اليمنتصف الليل احيانا وذلك حسب عدد المنازل والمنطقة التي يجوبها الاطفال.
وكان الاطفال قديما يكتفون بالتجول علي المنازل التي في الفريج الحي او بعض الاحياء المجاورة ولكن حاليا ومع اتساع رقعة المدن والاعتماد علي السيارات في التنقل اصبح الكثير من الاباء يصطحبون اطفالهم الي الفرجان الاخري خاصة الي منازل الاقارب التي ربما تكون في مناطق بعيدة.
وليلة الكرنكعوه كما هي فرحة للصغار فهي مسرة للكبار وخاصة اجدادنا الذين يجدون فيها فرصة لاستحضار الماضي واحياء الموروثات الشعبية والعادات القديمة من خلال تجهيز اكياس الكرنكعوه وملئها بشتي انواع الحلوي والمكسرات..
ولهذه الليلة بهجتها عندالكبار أيضا؛ حيث تتزاور الأسر والجيران ويتبادلون التهاني والأكلات الشعبية، ويظل كل بيت في ترقب لحين وصول الأطفال.
ومنذ أكثر من 15 سنة كان الاحتفال بهذه الليلة يتسم بالبساطة والنفقات المحدودة؛ حيث كانت الأسر تكتفي بشراء المكسرات والحلويات اللازمة لتوزيعها على الأطفال، أما الآن فقد صاحبت هذه الاحتفالية بعض المظاهرالسلبية؛ حيث أصبحت بعض الأسر تتنافس في كيفية عرض وتغليف الأكياس التي يحملها الأطفال، وقد يكلفهم ذلك مبلغا كثيرا من المال، كما أن بعض المتاجر التي تستعد بفترة قبل ليلة النصف من رمضان، أصبحت تعرض علبا فاخرة بمناسبة الكرنكعوه تصل سعرالواحدة منها إلى "60 ريالا "
شاركونا ذكرياتكم في هذه الليلة ..