من آخر القاعة كنتُ دائماً ما أرمقها ..
صبية جميلة جداً ..
حسدتها !! ..
ـ أقولها و بكل صراحة ـ
حسدت جمالها ..
أناقتها ..
صباها ..
طموحها ..
اليوم فقط استطعت أن أُزيل ورق السيلوفان عنها !! ..
اقترحت ـ هي ـ منذ فترة أن نخرج جميعاً لأي ( كوفي شوب ) بعد الـ class
الجميع وافق ..
ـ و كعادة النساء ـ الجميع عاد في اتفاقه و لم يتبق إلا أنا و هي ..
أردتُ الاعتذار أنا الأخرى و لكنني رفضتُ أن أرضخ لطبعي الأنثوي

..
جلسنا في مكانٍ هادئ ـ تطلُّ علينا السماء مباشرةً دون حواجز ـ و للمصادفة الجميلة كان الجو رائعاً هذه الليلة ..
ذابت بيننا الحواجز سريعاً
انهَمَرت كوابلٍ من ألم ..
صُعِقت !! ..
تلك الفتاة الجميلة ـ الكاملة ـ ليست كاملة !! ..
ذلك الرأس الجميل يحتضن داخله ورماً صغيراً ..
ذلك الجسد الجميل ينزف من أقل مجهود يبذله ..
تحوَّل كلُّ حسدي لها إلى خجلٍ من ذاتي ..
نعم خجل !! ..
فعلى الرغم من كلِّ الرضا الذي يغمر قلبي .. نسيت لوهلة أن أحمد الله على ما أعطانيه ..
شُغلت بالبحث عن ما ينقصني .. بدلاً من الامتنان لما أمتلكه فعلاً !! ..
هذا ما يحدث عند مقارنة أنفسنا بسوانا ..
تذكرت رسالة قديمة كتبتها لعزيز ..
(( هل تُصاب بالدهشة مثلي عندما تشاهد معاقاً يملؤه الحبور ؟
تتساءل بينك و بين نفسك / تُرى ما القوة التي تتفجَّر داخله فتدفعه للتشبث بكل لحظةٍ في عمره ليعيشها حتى أقصاها !! ..
كيف لإنسان فقد بعض أطرافه أن يصمَّم على أن يصبح بطلاً في السباحة ؟ ..
كيف لشخصٍ لا يمتلك سوى أيام ليعيشها .. أن يعيشها لتلك الدرجة ؟ ..
أوَلم نتفق أنه بمصافحة الموت .. نُعانق الحياة ؟ ..
فعندما نحيا في عالم الآخرين .. بقوانينهم .. و قوالبهم الجاهزة ـ التي قد لا تناسب أبعادنا ـ .. لن نكون سعداء أبداً بما لدينا ..
فهناك دائماً ما هو أكثر مما نملك .. و مما نستطيع !! ..
و لكن عندما نصنع لأنفسنا عالماً خاصاً بنا .. بقوانينا .. و قالبنا الذي نصنعه على حسب مقاييسنا .. حتماً سنكون أكثر سعادة !! ..
هكذا أنا ..
و لذلك تجدني الأكثر سعادة .. على الرغم من أنني الأشد حاجة ..
فأنا أحيا بقوانيني الخاصة .. بقالبي الخاص .. فلا أُقارن نفسي أبداً بغيري .. بل أُقارن نفسي بي ..
كيف كنت ؟ .. و كيف أصبحت ؟ .. و كيف أُريد أن أُكون ؟ ..
أكتفي ـ حالياً ـ بخُبز يومي .. و مكان نومي .. و نبضٌ آخر ينبض في وريدي فأتمناه أن يكون ـ آخر نبض ـ ما دامت عروقي لا تئنُّ به ..
و هكذا ..
حتى إذا ما غادرت يوماً .. أُغادر بخفَّة الظلال ..
لا يفتقدها الشجر .. و لا تبكيها الشمس ..
هذا هو قانوني ..
قد يكون تعيساً لسواي ..
و لكن ألم أقل لك أنني أحيا في عالمي الخاص ..
بقوانيني ؟ .. ))