عندما تعجز عن إثبات عقلك في عالم لا يصدقك! - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
سطرٌ (تحتَ) المِجهر .. (الكاتـب : رشا عرابي - آخر مشاركة : عَلاَمَ - مشاركات : 242 - )           »          رواية قنابل الثقوب السوداء أو أبواق إسرافيل.كتارا (الكاتـب : إبراهيم امين مؤمن - مشاركات : 52 - )           »          ...نبض... (الكاتـب : رشا عرابي - مشاركات : 4696 - )           »          [ فَضْفَضَة ] (الكاتـب : قايـد الحربي - آخر مشاركة : رشا عرابي - مشاركات : 75358 - )           »          خواطر قصيرة جدا .ابتديني بمسك الختام (كلمة) .. (الكاتـب : نادية المرزوقي - آخر مشاركة : رشا عرابي - مشاركات : 467 - )           »          غموضك والوضوح•• (الكاتـب : نوف مطير - مشاركات : 9 - )           »          عابر حيث ضفاف شجونها (الكاتـب : علي البابلي - مشاركات : 29 - )           »          رجل القش (الكاتـب : منى آل جار الله - مشاركات : 0 - )           »          سقيا الحنايا من كؤوس المحابر (الكاتـب : سيرين - مشاركات : 7523 - )           »          عندما تعجز عن إثبات عقلك في عالم لا يصدقك! (الكاتـب : ندى يزوغ - آخر مشاركة : منى آل جار الله - مشاركات : 1 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد المقال

أبعاد المقال لِكُلّ مَقَالٍ مَقَامٌ وَ حِوَارْ .

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-16-2025, 09:34 AM   #1
ندى يزوغ
( كاتبة )

الصورة الرمزية ندى يزوغ

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 2909

ندى يزوغ لديها سمعة وراء السمعةندى يزوغ لديها سمعة وراء السمعةندى يزوغ لديها سمعة وراء السمعةندى يزوغ لديها سمعة وراء السمعةندى يزوغ لديها سمعة وراء السمعةندى يزوغ لديها سمعة وراء السمعةندى يزوغ لديها سمعة وراء السمعةندى يزوغ لديها سمعة وراء السمعةندى يزوغ لديها سمعة وراء السمعةندى يزوغ لديها سمعة وراء السمعةندى يزوغ لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي عندما تعجز عن إثبات عقلك في عالم لا يصدقك!


عندما تعجز عن إثبات عقلك ! ! بقلم ندى يزوغ
في صباح خريفي رمادي، قاد يحيى، سائق الحافلة التابعة لمستشفى الأمراض النفسية، مركبته الثقيلة محمّلة بأرواح هشّة، تتمايل صامتة في مقاعدها الخلفية، كأنها ظلال لذواتٍ كانت يومًا ما تعي وتحب وتحلم.
كان في طريقه نحو فرع آخر من المستشفى، وعقارب الساعة تمنحه بعض الدقائق الفائضة عن المهمة. أوقف الحافلة على حافة الطريق، وتسلّل إلى مقهى صغير، باحثًا عن لحظة من الهدوء بين رشفات القهوة، يسرقها من زحام يومه الروتيني.
لكن، حين عاد، كانت الحافلة خالية، كأنما ابتلعها الفراغ. اختفى المرضى كأشباح تلاشت في الهواء.
الذعر التهمه للحظة، ثم نهضت في ذهنه حيلة سريعة، وبلغة العوز الممزوج بالتمثيل، وقف في محطة سيارات الأجرة يعرض خدماته على من مرّ به.
"الأمر بسيط،" قال بصوت متهدّج، "أنا أب لثلاثة أطفال، والحياة لا ترحم. أجرتي أقل، والسفر مضمون."
أقنع ستة ركاب، أعينهم تشي بالحذر، لكن قلوبهم خضعت لفكرة الادخار.
ركبوا معه الحافلة، وراحوا يتبادلون الأحاديث العابرة، بين حلمٍ بشراء خضار طازج، وآخر يبحث عن عمل، وثالث كان ذاهبًا ليحسم قراره في زواج مؤجل. لكن حين توقّف السائق عند المستشفى ليأخذ "أوراقًا نسيها"، كانت الكارثة في الانتظار.
خرج الممرضون فجأة كأنهم جنود في معركة، انقضّوا على الركاب الستة، يقتادونهم بعنفٍ محسوب إلى الداخل، يظنّونهم من المرضى الهاربين.!
الصراخ ملأ المكان، والركّاب يحاولون أن يشرحوا، أن يعترضوا، أن يثبتوا... لكن ما من أحد يسمع من يُفترض أنه مجنون.
قُيّدوا بالأصفاد. نُقلت أجسادهم إلى غرف بيضاء باردة.
الفزع في عيونهم تحوّل إلى صدمة وجودية. بعضهم صمت، وبعضهم ضحك، وبعضهم بدأ يتحدث مع الجدران حتى ينجو من التهميش. كانوا، لوهلة، كمن دخل عالمًا مقلوبًا حيث العقل هو الجريمة، والدفاع عن المنطق هو إعلان جنون.
استمرّ الحجز أسبوعًا. لم يسمع الأطباء قصصهم، بل فسّروها كأوهام نَسَجها الذهان. ولمّا اكتُشف الأمر، خرجوا كما يدخل المرء من الكابوس، لا بكامل جسده، بل بجزء مكسور في روحه.
روى أحدهم، بعد نجاته، قائلاً:
"إن أسوأ ما يمكن أن يحدث لإنسان عاقل، ليس أن يُظنّ مجنونًا، بل أن يُجبر على إثبات عقله في عالم لا يصدّق إلا الجنون."
ثم صمت، وأكمل بنبرة واهنة:
"هناك لحظات يختلط فيها الصدق بالهذيان، والواقع بالوهم، ولا تعود تدري: هل تحيا في عالم مجنون أم أن الجنون هو أن تحاول فهم العالم؟"
أ لا تعتقدون معي أن المجانين* في هذا العصر،* ليسوا* من يمكثون في المستشفيات، بل أولئك الذين يظنون أنهم وحدهم يملكون العقل. حين تتحوّل السلطة إلى معيار للحقيقة، فيصبح كل اعتراض دليلاً على الاضطراب.
فاحذر، يا من تسير مستقيمًا في دربك، أن تقع في فخ حافلة الجنون. ففي عالم هشّ، قد يصبح إثبات العقل أبلغ صور الجنون.

 

ندى يزوغ غير متصل   رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 7 ( الأعضاء 0 والزوار 7)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
متعة الحوار! ندى يزوغ أبعاد النثر الأدبي 1 04-27-2025 04:41 PM


الساعة الآن 01:01 AM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.