السرقات الشعرية

[محمد مهاوش الظفيري]

يتداول عدد من الناس موضوع السرقات الأدبية , التي يعدها البعض منهم من عيوب الشعراء , في الوقت الذي أرى فيه أن هذا الأمر لا يضر في شيء , ما دام المرء قادر على الإفادة والاستفادة , إذ تكون الاستفادة من تجارب من سبقونا من الشعراء والكتاب والمؤلفين , والإفادة لمن يأتون بعدنا من الأجيال . وفي هذا السياق يقول الرافعي : " وما أنا إلا رجل يقرأ ليكتب , ويكتب ليقرأ الناس " , وهذا السلوك الكتابي كنت ولا زلت أمارسه , قبل أن أطلع على هذه المقولة العظيمة من هذا الرجل العظيم , لأن الكتابة توليد وتوالد , فالتوالد لا يكون إلا من خلال استمرار عملية القراءة , والتوليد هو نتاج لهذا العمل الثقافي المتواصل مع إبداع الآخرين ونتاجاتهم الفكرية . وذلك أن الشعر حديقة عامة ومتنزة كبير , ةتجارب الشعراء وقصائدهم فيها مثل الزهور , والشاعر مثل ذلك الرجل الذي يتجول بين هذه الزهور , ولهذا قال الجاحظ : " المعاني مطروحة في الطريق يعرفها العربي والعَجَمي والبدوي والقروي " , وقيل في مواقع أخرى " وقد يقع الحافر على الحافر " . ولو تتبعنا نصوص المتنبي الذي " ملأ الدنيا وشغل الناس " كما قال عنه الثعالبي , لوجدنا أنه سارق كبير – وفق أصحاب هذه النظرة الفكرية الضيقة - وقد ألف النقاد حول سرقاته الكتب والمصنفات , لكنها ذهبت تلك المؤلفات أدراج الرياح , وظلت قصائد المتنبي تتداولها الأيدي وتستقر في صدور الرجال , ولا يعرف إلا المختصون تلك الكتب . ومن أوائل من أهملوا موضوع السرقات الشعرية الناقد العباسي قدامة بن جعفر , لأنه كان يرى أن السبق إلى المعنى لا يعد تميزًا في الشعر , بل يحسب للشاعر كشخص لا للعملية الشعرية من حيث كونها حالة مجردة منفصلة عن الشاعر , وأن المعنى المسبوق عليه إذا كان جميلاً , خير من المعنى المبتكر إذا كان قبيحًا .
ولو نظرنا إلى الأوزان الشعرية والقوافي , لوجدنا أننا مسبوقون عليها , كما أن عدد حروف اللغة العربية ثابت ولم يتغير , ولم يتم ابتكار أي حرف جديد , لهذا فنحن نأتي بشيء مكرر بشكل عام ويبقى التميز يوافق عدد من الشعراء , والشاعر المحظوظ من علقت له قصيدة أو بيت من الشعر في أذهان الناس , أو تداوله المؤلفون في كتاباتهم
وعلى هذا , فلا بد لنا من التفريق هنا بين السرقة الشعرية والسطو الأدبي أو الشعري
نعم , هناك فرق بين السرقة الشعرية والسطو , والفرق كبير وواضح
السطو : هو أن يدعي شاعر أحقيته بقصيدة شاعر آخر , أو يأخذ منه بيتًا شعريًّا , دون أن يُلفت أنظار القراء والمتابعين إليه , بعلامتي تنصيص أو ذكر بالهامش
أما السرقة فهذا أمر مجاز به في مجال الشعر , كسرقة معنى أو فكرة , ويبقى التميز لمن تفوق في هذا المجال

يقول الشاعر الجاهلي

والنقع يوم طراد الخيل يشهد لي
والسيف والرمح والأقلام والكتب

ويقول المتنبي

الليل والخيل والبيداء تعرفني
والسيف والرمح والقرطاس والقلم

ويقول أبو العتاهية

ما كل ما يتمنى المرء يدركه
رب امرئٍ حتفه فيما تمناهُ

ويقول المتنبي

ما كل ما يتمنى المرء يدركه
تجري الرياح بما لا تشتهي السفنُ

ويقول الأعشى

وكأسٍ شربتُ على لذةٍ
وأخرى تداويتُ منها بها

ويقول أبو نواس

دع عنك لومي , فإن اللوم إغراءُ
وداوني بالتي كانت هي الداءُ

أما في مجال الشعر الشعبي , فيقول تركي ابن حميد

والحـر لا دبـت عليـه اللواليـس
يشهر وعـن دار المذلـة يشومـي

ويقول مطلق الجربا

والحر لا صكت عليه المغاليب
يشهر وعن دار المذلة ينزّي

ويقول الحميدي الثقفي :

مهو لازم اقطع دابر الشك بالتصديق
ولا هو ضروري تعكس أشعاري أخلاقي

ويقول نايف صقر

ما نيب من عاش لا يربح ولا يخسر
ولا هو ضروري تكون أفعالي أخلاقي

ويقول شاعر أجنبي , وأعتقد أنه شاعر ايطالي :

" قالت نيكول
فالتفت الناس جميعًا
كأنهم نيكول "

وهذا المعنى يتطابق مع بيت مشهور لفهد عافت

نادت مشاري , قالت الناس لبيّه
من زينها , كل الخلايق مشاري

من خلال هذا العرض البسيط , نرى أنه من حق الشاعر الاستفادة من تجارب من سبقوه , أو ممن عاصروه , خاصة ممن يرى ويعتقد أنه من الضروري له الاستفادة منهم , وأن بإمكانه الإضافة والتميز فيما بعد , وقد يوافقه الصواب أو لا يوافقه

 

[عبدالعزيز الرميحي]

الف شكر لك أخي محمد على طرح مثل هذا الموضوع
باعتقادي أن ( السرقه ) هي ( سطو ) والسطو هو سرقه
ولا أجد فرق كبير..
غير أن الأقتباس أو التضمين هو مسموح بتعاطيه في حدود معينه تضمن حق
الشاعر الأول

ويوجد شيء أسميه ( اللّطش ) باللهجه الحجازيه وهو نوع من السرقه ( بفن ) يعني
تتم سرقة الفكره والبناء عليها وربما هذا التوع هو الذي يمكن للشعراء الابحار فيه
والتميزمن خلاله


ومنه

قول الشاعر
يموت الشجر واقف وظل الشجر مامات
رياح الدهر تصرخ وهي تحرق جتوبه

ليقول أخر

قولي لهم ياعزوتي ماعابنا موت النخيل
اللي يوافيه الاجل وتموت لكن واقفه

ويأتي أخر فيقول

كل الشجر له ورق بس النخل له جريد
خلاص يا صاحبي مثله بعيش وبموت

 

[محمد المشري]

قرأتها .. يا أبا يزيد


في مقامات الرائعين / فهد دوحان , ومحمد الخشيبان
وكم كُنت بحاجة قِراتها لـ يطمئن قلبي ..
فـ رقيبي الذاتي يحرّم علي حتى النظر لتجارب الشعراء
حرصا ً منه على ألا أكون .. نسخة كربونية من أحدهم ..
ليس فقط .. في كتابة نص ّ .. إنما حتى في القناعات ..
أما الآن فيطيب لي التجول بين واحاتهم .. والإستمتاع
بما قد طُرق ...

,

لـ محمد مهاوش .. إسلوب في طرح رأية " متين "
يستخدم فيه جميع الوسائل المشروعة .. المطروق منها
وغيره ..


,



شكرا ً

شــاســعة

 

[عبدالعزيز رشيد]

استفادة عن استفادة تفرق يامحمّد

 

[عبدالله العويمر]

أخي الحبيب محمد

كُنْت ُ قَد كَتبت ُ موضوعا ً مشَابِها ً قَبل أكثر مِن خمس سنوات حول السرقَات الشّعرية ، ووضعتُه هُنا

عَبْر هذا الرّابط

http://http://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=1680

وأتمنى أن يَكون مفِيْدا ً حَول طرحِك هذا

دُمت بِخير

 

[محمد مهاوش الظفيري]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالعزيز الرميحي

الف شكر لك أخي محمد على طرح مثل هذا الموضوع
باعتقادي أن ( السرقه ) هي ( سطو ) والسطو هو سرقه
ولا أجد فرق كبير..
غير أن الأقتباس أو التضمين هو مسموح بتعاطيه في حدود معينه تضمن حق
الشاعر الأول

ويوجد شيء أسميه ( اللّطش ) باللهجه الحجازيه وهو نوع من السرقه ( بفن ) يعني
تتم سرقة الفكره والبناء عليها وربما هذا التوع هو الذي يمكن للشعراء الابحار فيه
والتميزمن خلاله


ومنه

قول الشاعر
يموت الشجر واقف وظل الشجر مامات
رياح الدهر تصرخ وهي تحرق جتوبه

ليقول أخر

قولي لهم ياعزوتي ماعابنا موت النخيل
اللي يوافيه الاجل وتموت لكن واقفه

ويأتي أخر فيقول

كل الشجر له ورق بس النخل له جريد
خلاص يا صاحبي مثله بعيش وبموت

مرحبا بالأخ الكريم عبد العزيز الرميحي

هي آراء ووجهات نظر
وشباك نرميها في هذا المجال

أعجبتني شجاعة ردك وصراحتك في هذا الموضوع

لك خالص الشكر والتقدير

 

[خالد صالح الحربي]

:
أخْشَى أن يتمادى الشُّعَراء الشعبيون بالسّرِقَة خُصُوصاً وأنّ هذا الموضوع يضَع المُتنبّي في أوائل السّارقين .
الأمر الذي توقّفت عنده أخي محمّد هو ذلك المقطع المُترجَم والذي فيه " نيكول " هَلاّ أحلتني إلى مَرْجِع وأكون لكَ من الشّاكرين .

 

[خالد الداودي]

اهلا من القلب
بفكرك الوضاء


اعتقد ان هنالك مسلمّات فيما لو ُطرقت لابأس بها
كالحكمه .. المثل .. وصف نادر لشخصيّه

وبما ان فرسان العرب كانو يتفاخرون بالسيف والقلم والليل
فلا عجب ان يذكر شاعرا اخر غير المتنبي تلك الاشياء .. لأنها كانت محبذه
ولأنهم كانو يقرأون فلا عجب ان يذكر شاعر قول لقمان في قصيدة

الاان التكرار دائما يشير الى الاصل وبالتالي لا فائدة مرجوّة منه للكاتب الجديد
فـ حينما تزّج ببيت في قصيدة رائعة
ويأتي ناقدا او قارئا عاديا ليقول لقد استهلكت فكرة من قبلك .. ما قيمة القصيدة اجمالا حينها ..
هذا المقال يحتاج الى وقفة اكثر دقة فيما يتعلق بالمناذج المذكوره ونسبة احالتها الى التكرار من عدمه

دائما ما تحرك الساكن بشيء من فوضوية وعيك الناضج
وهذا ما يجعلني ابتهج لـ قرائتك

شكرا جزيلا لك