طَـائـرآ ورَقـيّـآ ..!

[ريان الوابلي]

.,



1
انا :
مثل كل الحشآئش التي تسكن المدن القميئة ,
يكنسني الفقد بكل كسلٍ وبطء ,
ويجمعني عند حافّة بابٍ قديم مليء بنقش الذكريات,
ويتمطى من فوْقي النمْل وهو يحمل فوْق كتفيْه قوتآ من يبآس ..



2
اتلاشى
كـ ظل جذعٍ وقت المغيب ,
وكـ الماء حينما يكون بين اصابع جدتي ,
تخنقه تجاعيدها الحزينة , ويجِف ظمأً ..!
وكـ عطركِ ياحبيبتي .. حينما انسحب خلف ظلّك حين الرحيل ..!
وتلاشى من قميصي الهش .!



3
ألهمتِني لأن اكون وحيدآ في هذه الحياة ,
وأن امارس كل طقوس الحزن فوق قارعة رصيفٍ بارد .
وأن اكون لقيطآ والمارّة يدوسون ظلّي وكأنه جريدة ..!

وجعلتِني مثل كل الأحلام المختبئة خلف جلابيب الاستحالة ,
ولا أعني للحياة شيئآ .,
وكأنني خُلقتُ من نطفةٍ أصلها من عدمْ .!



4
اتذكرين ياحبيبتي :
عندما كنا نجمع قطرات المطر من فوق العشب النديّ ,
وندسّها بحضن ايادينا المبللة
فـ نرى العصافير من حولنا وهم يجمعون الرذاذ ..!

اتذكرين :
عندما كنتُ أجعلكِ تقضمين التفاح بهدوءٍ
لأستمع الى صوتِ القضمةِ وكـ أنها أغنية دافئة .!

اتذكرين :
عندما كنت اجعل من وجنتيك حائطآ
لأسمّر بهآ كل قبلاتي المعتادة المليئة بالشوق .!



5
كل شيء تلاشى الآن ياحبيبتي
ولم يبقى ايّ شيءٍ بعد رحيلكِ :
لا مطر ولا تفآح ولا قبلة ,

لم يبقى الا الجدب الحزين على ملامحي
وهي تطلب الله : اين الماء ياخالقي ؟! فقد طآل الجفآف ..!



6
ياحبيبتي
فكل شيءٍ بعد رحيلك اصبح صدئآ .,
حتى شفتيّ اصبحت صدئة ,
يحبي فوقها العطش
كـ طفلةٍ تحبي فوق صدر امهآ وتركل النهود بحزن .!



7
حتى صوت النآي يُخلق من نحيبي .!
ومن بحّة صوتي التي تجعل كل عصافير الصباح تحتظر .!



8
ياحبيبتي
فكم تمنيت ان اكون طائرا ورقيّآ في هذه الحياة :
يحركني الهواء كيفما يريد أن اكون
وتحركني انفاس البشر كيفما تريد الأنفاس
و ان أجاور ريش عصفورٍ في السماء
وأستمعُ إلى كل سولافات الملائكة مع المطر
ولا أحط الا على ثغر طفلةٍ مليء بالمربّى والحكايات الرطبة .!

حتى لا اكون بشرآ تُحركه عقائد الحب كيفما يريد القدر ..!



9
ياحبيبتي
سأرحل الآن كما رحلتي ,
وسأكنس ظل انتظاري فوق جفآف الأمكنة,
وسأجمع كل قصائد الشوق التي كتبتها لأجلك ,
سأمزّقها
وأنثرها على كل بقعةٍ يابسة لا يزورها عآبرٍ ولو بالصدفه ,
الى أن تصبح صفراء يقشعرّ منها بدنُ الأرض .



10
فلقد خرجتي من صوت عمري : نشآزا
ولن تُرتلكِ الذاكرة .!


.,