هذه الليلة لا تُشبه الليالي التي مضت ، لقد أغلقت فمي وَ لُغتي ، وانصتني ؟
:
و
تلقين السؤال في منامي وَ أنا مُستيقظٌ بك ك كُل الأيام ك كُل الشهور ك كُل السنين ،
تُلقينه :
كما عود الثقاب في الزيت ،
كما أنفاس الليل الأخيرة في صدرِ الفجر ،
كما نداء الأرض في سمعِ العطش ،
كما تضرّع السبابة في صلاةِ التشهد الأخير ،
هل ما زلت تحبني ؟

وتفور الإجابة ك النار الرحيمة ، تشع ك الشمس ، تنهمرُ ك المطر ، تسقط من سبعِ سماوات ك المغفرة !
مُنذ أن خُلقت في التكوينِ طفلاً لمْ يتجمّع بعد ، اتَسقت أبابيل تُرابي في سماءِ الْبعث وَ أنجبني الله : أحبك ،
مُنذ أن اتكأتُ على بَطنِ أُمي أستَعجل الخروج لرؤيتك ، خبأتُكِ دمٌ وكريات حمراء ، أضخُك في شراييني ،
مُنذ أن أذن أبي في أذني ، وشى لي الله أنكِ الهداية ، والسراط المُستقيم ، والذنب المُغتفر ،
والتوبة النصوح ،
مُنذ أن علقت اصابعي للمرةِ الأولى ، كنت أدُس طفولتي في فمي ، ليظفر بها خِصرك !
هل قلت المرة الأولى ؟
اووووه يا سيدة الأوطان وَ الأزهار وَ الماء إذ تَشهد ،
أعيدي هذه الشهقة التي ما بين ضلعيني ، دونَ ان تغيري من بحتها شيء :
[ أنتِ المرة الأولى في حياتي ] !
الآن :
[ أنا المرة الأولى في حياتك ] !
رائع ،
مُبهر ،
مدهش ،
إذن .. منذ متى لا أُحبك ؟
أنتِ ،
وَ لا تنحني الألف أمام ريحِ الغياب ، وَ تأبى النون أن تَنتهي عند آخرِ صفعة ِ باب ، وَ تتجمّد التاء العصامية ب ثقةٍ ، دونَ أن تُذاب ،
أشتقتني معك ، ل قهقهة ضحكتي ، ل نقاشي الحاد ، ل أستأذنكِ قُبلة هاربة وباصرارٍ مُزعج ، ل طفولتي العابثة ب طقطقةِ أصابعك ،
ل مراهقتي المُشتعلة حتّى أرض قدميك ، ل دسِ وجهي في عبقِ شعرك ، ل رجولتي الحانية وَ هي تضمُك خائفةً بعد المطر ،
يا سيدتي .. يقولون نساء الحي ،
أني رجل المرأة الواحدة ، وَ ما علموا أني لا أغيّر الشِنط ، وَ لا ألونني مكياج ، وَ لا أشتهي أكثرُ من قميص ، وَ لا أُعيرُ قدمي
ل الرقص ، ولا أحجزُ طاولة عابرة في مطعمٍ ما ، وَ لا أعبثُ بحرفي لغواية سطر و سطر ، وَ لا يستدرجني لحاف السرير ،
يا سُنتي ما علموا أن الله يخلقكِ في كل مرة .. فطرة لي !
أتراني أدافع عن شرفي ، بك ؟
سجلي هذا في مذكراتك ، و َعلى قميصِ نومك ، وَ ريش وسادتك !
الآن ،
هل يحقُ لي أن أتنّهدك ، بعدَ أن صادروا البُكاء في أرشيفِ المَنفى ، حينها رموني تحتَ أنقاض الأوراقِ السرية ، وَ اوقفوا
عجلات عمري عن الركض ، وصبغوني ب الأحمر .. ب الهم .. ب الدّم .. الأشياء التي تُنزف لونها أحمر !
رغم كل هذا .. لو تعلمي .. لم يطرأ على جنوني بِك شيء يُذكر ،
مازلتِ تتقلدينَ أحلامي ، في منتصفِ رأسي ، وفي معصمِ يدي ، وفي دفترِ الأوراق الرسمية ، وهذهِ ليست مفاجأة ب الطبع ؟
مازلتُ أُغنيّكِ آخر المساء نايٌ حزين ، وَافتشُ عن صوتِك في حُنجرةِ فيروز ، وَ استسقي رقصكِ أولِ عزفِ الصباح .. ولا تأتي ،
أعدُ أنفاسي الفارغة ، المهدور دَمُها في الفراغ ، وَ اتشبثُ ب الثانيةِ التي تمُر دونَ فُستانك الأبيض بكلتا جنوني .. ولا تأتي ،
أتسلّق ظهرِك ك الأطفال ، واجاور الملائكة فوقَ كتفك ، وَ اقترب من سَمعك .. ألقي سراً ثُم أُصلّي في محرابِ صدرك .. ولا تأتي ،
أهندمني أربط عنقي وأشد حزامي ب رفق ، [ اتنحنح ] ل أتفقد صوتي ، ابحث في وجهي عن ابتسامة طفل ، واذاكر شيء حفظته لكِ .. ولا تأتي ،
ثُم
اسقط على مقاعدِ الانتظار .. اوبخ الساعة التي لم تأتي بِك .. وَ ترحلي .. وَ ترحلي بي .. ولا آتي .. أبقى معك .. ولا آتي !