منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - ليلة الاربعاء [2] ﺗﻮﻇﻴﻒ ﺍﻟتعبير ﺍﻟﻐﺮﻳﺰيّ بين إقرار واستِنكار
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-06-2016, 10:24 PM   #43
زيدون السرّاج
( شاعر )

الصورة الرمزية زيدون السرّاج

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 14

زيدون السرّاج لديه هالة مذهلة حولزيدون السرّاج لديه هالة مذهلة حولزيدون السرّاج لديه هالة مذهلة حول

افتراضي


لماذا لا يعشق الرجل رجلا آخر؟!
لماذا لا يعشق الشاب الصغير امرأة في الستين؟!

الحب بين الرجل والمرأة هو حاجة تنتقل بسبب الخلفية الثقافية والدينية عند العرب إلى حب رومنسي صاف، أي أن الحب يفقد حقيقته وباعثه الشهواني الأصلي.

قد يحب الرجل رجلا آخر، ولكن لو لم يره لأيام هل سيعاني ليلا ويبكي؟ هل يقول مثلا إن عزف عن رؤيته والجلوس معه، "هجرني فلان، يا ويلي"؟

أحب أن أسمي الحب بين الرجل والمرأة بالعشق، أما الحب فقد يكون للأطفال، للكتب، للأم، فلا يقول أحدنا أنا أعشق أمي! اللهم إلا لكي يجذب الأنظار بتطرف تعبيره.

ما أريد أن أصل إليه هو أن العشق في أصله رغبة، لذلك فإن العرب وصفته قديما بأنه مرض وداء عياء إذ هو يبتعد عن جوهره الحاجيّ بالأوهام والخيالات، وادعت أيضا أنها وجدت علاجا لهذا الداء، ووصفته فقالت هو "النكاح"

فالسر في أن النكاح يعالج العشق هو أنه يرجع الأمور إلى حقيقتها، فالرجل مثلا -ولن أتحدث عن المرأة- يرى المرأة في أول الأمر، كما قلنا في مثال المرأة الستينية بالنسبة إلى شاب هذه المرأة التي سيحبها فيما بعد لا بد أن تكون قادرة على تلبية احتياجاته، لن يقرر هذا هو شخصيا، وإنما نفسه الباطنة والعميقة ستقرره، ثم بعد ذلك يهيئ له خياله أن هذه المرأة هي كل النساء، وأن حاجته إليها لا تلبيها أي امرأة أخرى، ثم بعد ذلك بسبب هذه الحاجة التي أصبحت تعذبه سيبدأ بالظن بأن هذه المرأة مخلوق ذو طاقات خارقة، سيظن حقا بأنها تعذبه بقدراتها، وما يعذبه إلا حاجته الإنسانية المعروفة التي لم يستطع تلبيتها لأي كان من أسباب، أسباب اجتماعية أو دينية أو حتى حياء الإنسان المجرد، هنا سيصبح العشق شيئا آخر، سينسى هذا الرجل أو الشاعر حاجته تماما التي كانت الباعث على كل شيء وسيبدأ يعتقد حقا بأنه يحب هذه المرأة حبا خاليا من أي رغبة.

قبل سنين كنت شابا صغيرا، كان لدي صديق يكبرني بأعوام كنت أنا في أول سنة في الثانوية وكان هو في آخر سنة، وكان إذ ذاك يدرس في معهد خارج المدرسة لأن تلك السنة سنة تخرج ويريد أن يكثف دراسته ليجد فرصة جيدة في الجامعة كما هو معروف، المهم المعهد جوه مناسب جدا للعشق، شباب وشابات صغار كالورد الذي تفتح للتو، في أول شبابهم ما زال هناك من يعتني بهم يشجعهم ويدفعهم، المكان بشكل عام مكان كتب وخشب الطاولات والمقاعد، والملابس الأنيقة والوجوه البيضاء والشعور المصففة بعناية والعطور الجذابة، كاد يجن بتلك الفتاة التي سألته فيما بعد أن يحدثني عما يحس به حقيقة تجاهها، كل الناس علموا أنه مجنون بها، حتى أن القصص عن حبه لها صارت في كل مكان، قلت ايه صديقي، قل لي شيئا. قال يا صاحبي أن لا أتخيل نفسي حتى تهم بلمسها، أنا صدقته على الفور، ولكن أيضا كنت مصدقا بأنه يكذب على نفسه الباطنة، فهذا الوجه الجميل لدى محبوبته سيحب أن يقبله لو تحقق في أمر حبه الأول له،
فلماذا إذن يتغنى الشعراء بجمال الوجوه، وهي لعمري التي هي مفتاح الجاذبية بين الجنسين؟ وهي محط النظر في أغلب الأحيان

لو كان الأمر جمالا خالصا وليس رغبة لعانى المرء من حبه لشجرة، لوردة، لسحابة، فكل هذه الأشياء جميلة ويحبها الناس ولاسيما الشعراء، إلا أنهم -ولو في نفوسهم الباطنة- يعلمون أن الوردة والسحابة والشجرة والريم والبحر غير قادرات على تلبية حاجاتهم.

أعلم أنني تركت الحديث عن الشعر وذهبت لأتحدث عن الحب في الحياة، لكن كما قال بعض أصدقائنا هنا: ما هو مقبول في الحياة مقبول في الشعر، ما هو مقبول عند المجتمع يجب أن لا يكون غيره مقبولا عند النقاد، أما النزعات الشخصية والمتطرفة بالنسبة إلى المجتمع فهي شخصية ويجب أن لا يندرج ما يُكتب بها تحت اسم الأدب.

 

زيدون السرّاج غير متصل