من أ. إلى م. وبالعكس
(هل ثمَّة مَنْ يكتبُ مثلنا؟)
الرسالة الثالثة.
كلمةٌ حرّة، وحرفٌ حُرّ.. إنها الأوسمة الباردة، التي تُعطى لموتى الحروب الأحياء، لينتشي البؤساء بهم، وهم في داخلهم يسخرون من هذه المكارم،
ويعلمون أنّهم سجناء الفكر، لايملكون قاربًا ولايجيدون الغوص نحو النهاية بسلام! لكنهم يجارونَ الوقت لتأتي النهاية مُسرعة..
قصاصات الورق الطفولي واعترافات المراهقة الخجولة وثورة النضج وعنفوان الشباب، والطرق المعتّقة بالحب، جميعها باتت سمير خيام الإيواء التي شيّدوها كمسكنات ضمير يصارع لحظاته الأخيرة..!
الخيمة كل خيوطها تقشعر صقيعا، وتذوي الأوتدة خوفًا، كل شيء يتلاشى حينها ويبقى المجد للنداء: يا ألله ..
كأن بهذه الرّوح التي ترتعد أوصالها خيبة، توقن أن لاأحد يصغي لنبضها، ولاأحد يذْكُر الغائبين إلى الأبد، فهم على قائمة النسيان،
ولا يُعلم متى يأتي دورهم عند العقول التي ينهكها السعي وراء الحياة!
وترعد وتمطر وتزهر هناك، لا، هُــنا، ويسري العشب بعيدا، وينسى النيام أن في الخيمة بشر...
حتى الطيور تعتاد النوم على الصخر وتغازل صباح الصغار وتحلق في سماء الخيمة، لتخبرهم بأنكم لم تموتوا بعد ومازال في الدنيا مايستحق الابتسام!
كل الأقوال تدوّن ضد مجهول حينها، لاأحد يعلم من كلّم الصغار عن الحب الذي يغرق الكون،
لاأحد يعلم من حدّث الجميلات عن الفرسان، ومن قصّ فنجان الحياة ترفًا وقدّمه لقلوبٍ مُرهفة..
لا أحد يعلم من فعل هذا فالجميع أخفى رأسه تحت وسادة من ندم وخجل ولم يبق إلا صدى هذه الأحاديث وهم الآن يبحثون عن رعاياه لينفوهم إلى أقرب محطّة للنسيان..!
يا الغريب:
"أوطاننا لا تُحبنا، ونحن لا نحبُّ الغربة، والغربة تعشق كلَّ غريب"
يا للمعادلة الصعبة
كيف لك أن تجعلهم يتبادلون الأدوار؟
وإن نجحتَ، ترى هل سَنتحرر من عادة الإلتفات إلى الوراء كلما سَمعنا أحدَهم ينادي:
أنتَ أيها الغريب؟!
أختك/ أ