تبدو فكرة الكتابة مجنونة, بعد أن ابيضّت الصفحات وألقت بثقل بياضها بعيدًا عني.
تبدو فكرة الكتابة الآن, وفي هذا الوقت فكرة مدهشة, لم أكن رتّبت نفسي للقائها !
أذكرُ أني وضعتُ أصابعي خلف كل الاحتمالات التي تمددت على ظهري, لم أنوي بترها, لكني فعلتُ بلا أي نيّة مسبقة, كصيادٍ هبطت عليه رحيميّة عصرت قلبه وترك غنيمته تهتزّ مع الغصن خوفًا على صدرها من الرصاص ..
هل الوقت الذي عدت فيه وبدت فيه فكرة الكتابة غريبة ومفاجئة كضحكة مكتومة في عزاء, متأخرا ولا طائل منه بعد أن فاتني الشيء الكثير وأنا في حالة الغض الجبرية؟
باستماتة أحاول استرداد الحديث الذي كان يضع نفسه في الفم قبل أن تكتمل القصة. باستماتة أحاول جمع اللهفة قبل أن تتكتّل في فراغ لا اسم ولا حصر له. وبالقوة أصرّ على أن العيش مجرد فنّ من فنون الحياة, إذا لم أتقن واحدًا منها فلا هناك يدٌ حانية ستغسل عن وجهي لوثة الحياة وكدرتها كما يفعل الآباء الطيبين.
ثم إني أعود لموطئ قدمي, أ إلى هذا الحدّ والعدّ الذي وضعت فيه رغبتي على نقرة الحذف, بدت فيه الكتابة بتوقيت هو بالتحديد خارج الساعة "بلا جدوى"؟