- جمّة هي الروائح حولي لكن أبرزها كان مايتلاعب بي عندما تُنْفَخ برقة من بين شفتين كأنها حلوى القطن .. أعتقد أنه الأبرز .. عدة ساعات إضافية وقد أؤمن أن الأبرز هي رائحته الأخيره .. اللامبالية التي قتلت آخر أمل لي في البقاء بجانب عُنقه ..
قالت ( كيف حاله ) وأصوات الأربعة البيتلز الفوضويه تُضاجع السكون وتُتخم الأمكنة بالحياة..
حاولت أن أنظر لها هي سالي .. حسناً .. حين هاتفتني عصر البارحة كانت موتورة تحدثت بسرعه فهمت أنها على خلاف مع بِشْر حددت المكان وذهبت لكن ليس الذي أمامي سالي انما الوجه الأسمر الرفيع قلت وأنا أداعب شوكتي وأنفض الزخم الملامحي عن أكتافي ( نكهة الفراولة تبدو أنها تعدل المزاج لديك سالي ) تضحك بحدة صغيرة وتُبعد فاه الأرجيلة قليلاً تنحني بإتجاه عيني مباشرة وعيناها الغارقة في الكُحل الأسود تتخابث ( حاله ها .. ثُم دعك من أرجيلتي ) عبائتي تحمل غباراً خفيفاً أسفلها .. ألحظه أُسجل في عقلي عليّ نفضها قبل الخروج أحاول ترتيب أنفاسي لامفر من سالي ولا من رائحته ..
أتواطئ مع ظلي عليه أن يحمي ظهري من اقتحام فكه الواضح الزوايا هناك جُرعة جنائزية تلف حُنجرتي مع تأكيد الإتفاق وحيث أن وجهي سافر اتجاه النوايا الملتوية واتجاه رأس منحني يبدو أنه يبتسم بلطف ويغوي بلطف لأغدو كالسمكة البلهاء المعلقة على حائط لزج سريع الإنزلاق ماعدت أثبت ولا أنزلق وأسقط وأنتهي لكنما البقاء في هذه الحالة أشبه بموت لحظي يُنفّذ كل لحظة ويُعاد تتعّهر النظرات ولا نافذة قريبة ألقي بها وجهي .. وجهي الذي ينعق بجريمتي ..
تعود ( أخبريني عنه لازلت أنتظر .. رغم أني أعرف أين خبأت قلبك ياشقية )
شقية !! أواااااه ياسالي كم أنا شقيه ..
ضجة الملاءات في قلبي تُذكرني بالغد الذي ينتظره وبالكلام .. عن الذي يُصنف على حسب أمزجته إن كان هناك مايُقال حين أن الصمت هو كُل مايُقال ليس علي أن ألهو على صدره حين قلبه يمتلئ بغيري وحين رضابه تمتصها شفاه أكثر قانونية .. علي أن أعيد الذي بدأ لما بدأ ماذا عليه وماذا كان علي .. قال أحدهم ( كنت في حماسة ) قلت لنفسي ( كان في حماسه ) لكن الحماسة هي تهيؤات كما تهيؤات ايروتيكا مع صاحبة الأزهار والريح التي لايُحبها لم يُخبرني خلال حديثه لما لا .. لكنه يحكي بإملاء لا يتفتق عنه سؤال .. حتى نصف سؤال ..
أنا شئت هذا لكن ماشئته لأنه صواب ولأنني زاهدة به ذلك أني لم أتعدى كوني أكياس النفايات التي تتلقى كل التحايا دون أن تئن تجمع في جوفها بقايا ليال الحب والرقص والغناء حين تتلهف يلامسها دفق الخمج .. ينام بها .. تنطفئ الأضواء ويزداد الزبد كثافة .. الرائحة حين تتصاعد وتجعل الأجواء مأزومة تمنع اصبعين لئيمة من عمل سدادة على منخريها ..
أراقب سالي .. تبدو هادئة .. هي لم تكن غاضبة من بِشْر إنما كانت تُريد أن تطمئن من صوت خارجي .. صوت طفولي .. صوت كأنه تثاءب الفجر وطعم الرطب البغدادي .. صوت لايعرف نطق الراء واضحة إنما خجولة تتوارى خلف الغمام .. هذا الصوت يبعث في نفس سالي الإطمئنان ( لا أعتقد بِشْر لا يحب سواك ألا تذكرين ما تكبده حين عانينا الغرق ) تُخرجني من بيتي تعبث بذكرياتي .. بألوان شهقاتي من أجل هكذا فقط ..
أنا لا أعود للسطر وقارب قُبلتي الحمراء لايرسو مجدداً على غمازته لأن غمازته ترى الكثير ومرفقي الهش لايحتمل أن يصير طرساً آخر النهار .. يمحوه ناي وكوب قهوة ويكتبه سيجار ودندنة عود أخرق ..
لاجدوى من البقاء على الطاولة المكفهرة أنظر للمقعد الذي أمامي كانت تملأه سالي وقد انتهت مني وأنا لم أنتهي منه ولا مني .. أنتظر لساعة جديدة .. أتذكر الياسمين .. وأولى الحكايات التي بدأت من صدفة دبقة بالخجل .. الصورة التي كانت لزمان أعرفه ثم المسمى الذي طبع بعقدة المنتصف..
أنا التقيت به زماناً حين كانت جدائلي تلفه حتى القدمين المرشوشة بالأعشاب الملطخة بالحكايا .. الخدرة على الطين رأيت سماواتي العشر بين أضلاعه تتخضب من دمه وتصب أوصاله في نحري اتحدت به واتحد بي وعرفته منذ الوهلة الأولى التي رأيته فيها مجدداً ...
تبرد أطرافي ألتقم شفاهي وأمتلئ بالخيبة .. الحظ العاثر يرقص الفلامنغو وداليدا تلّح ( هوووه .. ههووووه .. فلامنغو )
ودقات الأحذية الغاضبة تدك سُرتي ثم ذاك الذي ينفضخ ويسيل بحرارة هو الملح ..
+ كما أنه ليس من الجميل البكاء حين الكتابة ..