منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - أصحاب الفكر الخاطيء
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-14-2006, 09:05 AM   #1
يوسف الحربي
( ابن المدينة)

افتراضي أصحاب الفكر الخاطيء




الأمم العظيمة تقاس بمنجزاتها وهذه المنجزات لا تولد في فراغ ولا تنمو من عدم ولكنها نتاج توافق منطلقات وأهداف مشتركة يفصل بينهما مسافات تطول وتقصر بحجم المنجز وقيم الأهداف السامية , الفكرة بذرة صغيرة تتخلق في رحم المعطيات ثم تنمو في عقل صاحبها لتحقق المتطلبات التي ولدت من أجلها , هناك فكرة تقوم من منطلق صحيح لتمضي بخطى ثابتة صوب الهدف المرسوم لها وأخرى انبثقت من منطلق خاطيء فظلت تراوح في مكانها عاجزة عن المضي لفقدها مقومات الحركة .
أصحاب الفكر الجيد الصحيح يستندون الى عقيدة ثابتة تحمل صفة الديمومة والإستمرار وينبثق منها مواقف واتجاهات المستقين فكرهم منها , أما أصحاب الفكر الخاطيء فيستمدون معتنقاتهم من ايدلوجيات وافدة تحمل صفة التغيّر والإنقطاع .فكر خاطيء تصب معطياته في مفهوم الإنسلاخ الرامي الى التجرد من الماضي بقيمه وثوابته والرفض الأعمى للجذور بعمقها وشمولها .
أصحاب الفكر الخاطيء لا يخفون على ذي بصيرة فهم في كل محفل يتباهون بتكسّر الحرف في أفواههم واعوجاج المنطق في عقولهم ولا يتحرجون من الإعتراف بالتسليم المطلق بالفكر الغربي المحدود دون النظر في ماهية هذا الفكر ,هم جزء من نسيج المجتمع بيد أنهم عجزوا عن الإندماج والتعبير عن هموم الوطن والمواطن وأصبحوا بمنأى عنه ,أحاديثهم لا تلامس الواقع ولا تلائم طبيعة المجتمع وكلماتهم ليست ذات قيمة ولا تتجاوز مدى الأحرف التي كُتبت بها , يقفون في منتصف الطريق متأرجحين بين الإنتماء المزيف لنا والإنتماء البليد للفكر الغربي الرديء , هذا التأرجح انسحب على آرائهم المضطربة وأفكارهم غير السويّة والمفتقدة القدرة على تحقيق المتطلبات الآنية بسبب نظرتهم الأحادية القاصرة لمعطيات الحاضر السلبية المتمخضة من أخطاء فردية بحتة وجدوا فيها ذريعة للنيل من الأمة ورموزها عبر اطروحات نعتذر للتفاهة أن وصفاها بها , مواقفهم الخاطئة هذه لم تكن وليدة لحظة تعمّق في أغوار المجتمع بل هي بمثابة استجابة دمى تحركها صدور تقيّحت بما تراكم فيها من غل وحقد وطائفية فكانوا كمن يستمع القول فيتبع أسوأه.
من السخرية بمكان أن نقول لهؤلاء مفكرين , المفكر وبصرف النظر عن ملّته ومعتقده وضع عصارة فكره وخلاصة تجاربه في كتاب يضم بين دفتيه تطلعاته التي تصب في مصلحة الوطن فأين كُتب هؤلاء الخدّج فكريا . أهي تلك المقالات المتورمة بحُقن التجميل أم هي الخواطر التي كُتبت بأسلوب متكلف فغدت أشبه ماتكون بهذيان ..
واهمون هم حين يزعمون بأن هناك صراعاً بينهم و أصحاب الفكر الجيد وحقيقة الأمر أنه لا صراع لانتفاء التكافؤ فما هم وأولئك إلا كرجل مستغرق في التفكير يرتقي جبلاً وعلى حين غرّة داهمه بعوض فتوقف عن التفكير حين انشغل بالطنين وتوقف عن المسير ليذب عن وجهه الأذى ثم مضى ليتسنم الذرى تاركاً البعوض عند ذيل الجبل ..
أخيراً ...
أصوات تنادي هنا وهناك بالحوار معهم ولكن هل هناك حوار مع من لا يملك قضية ..الإستجابة الطبيعية لمواقفهم الخاطئة هي التهميش والإقصاء مع أخذ الحذر والتحذير منهم ...
أخرِجوا هؤلاء من عقولكم وثقافتكم ..من إيقاعات قلوبكم ومحابر أقلامكم ..أخرِجوهم من دوائر اهتماماتكم وخطوط تفكيركم .

ابن المدينة / يوسف الحربي

 

يوسف الحربي غير متصل   رد مع اقتباس