[زهرة زهير]

لفت إنتباهي لفته مطروحة بصورة أكثر تشعباً وتشبعاً لــ الحدث المستغرب من وزارة الإعلام
حين صادرت العديد من الكتب والتي جُعلت في متناول الأسواق السوداء
والذائقه المسافره لـ الدول المجاوره
لإستجلاب المفقود في معرضنا الحبيب !

حسناً شاركوني قراءة هذا المقال الساخن بقلم الكاتب السعودي الرائع / جابر مدخلي

تحت عنوان ..
[ فقه وزارة الثقافة والإعلام السعودية ]

_____________________________________________


نقلاً عن صحيفة الرياض السعودية:
(إنابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - يفتتح معالي وزير الثقافة والإعلام عبدالعزيز خوجة مساء اليوم معرض الرياض الدولي للكتاب الذي يضم 600 دار نشر و250000 مؤلف وسيتضمن حفل الافتتاح تكريم المؤرخين الذين كتبوا عن تاريخ الجزيرة العربية وهم: عبدالرحمن بن عبدالكريم العبيد، عبدالكريم بن محمود الخطيب، عبدالرحمن بن سليمان الرويشد، عبدالله بن محمد بن خميس، هاشم بن سعيد النعمي، عبدالله بن صالح العثيمين، عاتق بن غيث البلادي، عبدالعزيز بن عبدالله الخويطر، علي بن صالح السلوك الزهراني، محمد بن ناصر العبودي، عبدالله بن يوسف الشبل، سليمان بن محمد الغنام، مناحي بن ضاوي القثامي، أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري.)
الثلاثاء 6 ربيع الأول 1430هـ - 3 مارس2009م - العدد 14862

فقه وزارة الثقافة والإعلام السعودية !

. . . التاريخ لا يرحم أحد أبدا . .!

"والكتاب هو العبدُ الورقي المملوك في كل العصور، وهو الكائن الورقي الناطق".

و وحدنا بهذه المساحات الكبرى من حوّله إلى عبد ذليل! وأحرق أبطاله، واتهمَّ على ألسنة الطير والحيوان بهذا الوطن بعضُ الكتّاب بالزندقة !، والكفر، والانحراف، والإلحاد، و مؤخرّاً هبطَ علينا اتهام بـ(علمَنة الكاتب!).

. . وحدهم قراء هذا الوطن من أجبرتهم وزارة الثقافة والإعلام على تصيير الكتاب عند بيعه، أو شراءه إلى امرأة تنطبقُ عليها جميع شروط العورة وفق فقهها (طبعاً) وعلينا تفصيل عباءة، وبرقع، ونقاب يستر عورته (من الغلاف إلى الغلاف) والدليل: أن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باتَ لها دورٌ كبيرٌ جدّاً.. وهي التي تقرر أيضا، بل وتنصحُ عدداً من الكتب بلباس يسترُ عورتها من العنوان إلى السطور وذلك (بنصيحة المصادرة!)

فلا تبأس أيها القارئ ، والزائر السعودي!، لا تحزن أيها الزائرُ إلى الرياض بهذه الأيام لحضور فعاليات معرض الكتاب، لا تتألم إذا جلبتَ قائمة لشراء كتبك ، ورواياتك المحبّبة، والمرغوبة وقد عدتَ خالي الوفاض، أرجوك لا تتألم!،

و لا تبتأس فإنه بإمكانك أن تقتني عدد لا بأس به من الكتب المستعملة في ركن الكتاب المستعمل!. وفي ركن الطفل لا تنسَ أن تشتري لا بنك أعداداً قديمة من (مجلة ماجد)، ثم يمكنك أن تستبدل قائمتك (بروايات عبير، وطبعات قديمة كتبت على سعاف النخل من روايات أجاتا كريستي التي ملَّ منها قراء الغرب حتى أنها من كثرة انتشارها غدت اليوم عندهم أوراق تماما كالأوراق التي تلفُّ بها (السسندوتشات).. أرجوك لا تحزن فتلك الكتب التي لم تجدها بالتأكيد هي محرّمة لأنها ربما كُتبتْ بلسان مباشر، ووجه ليس من محارمكَ لأنك مثقفٌ سعودي ولا يجوزُ له أبداً كشف عورته أمامك هذا (وفق فقه الوزارة).

و لا تهتم يا سيدي، لو شاهد رجال الحسبة كتاباً بيديك وصادره منك أحدهم، بحجّة أنّه من المحارم!، ولا تُفجع إذا اكتشفت في ما بعد أن هذا الموظف الذي صادرهُ منك لا يحملُ سوى (شهادة الإبتدائية!)، ولا تعترض إذا سجّلوها عليك سابقة في سجّل حياتك، ولا ترفض إذا طُُلِبَ منك أن تُقاد إلى لجان التحقيق السريّة، وعليك أخيراً أن توقّع على أقوالك أنكَ قمت بتهريبْ كمية من الكُتب المحرّمة سرياً.

أرجوك لا تتألم(وانقد الكتاب من جميع الجهات، ولا تنظر له من جهة واحدة !).

. . . ثم انظر إلى كيف استقبلت هذه الوزارة ثقافة، وأدباء ومفكري البرازيل!؟

البرازيل ضيف الشرف لهذا المعرض الذي بدأ بالإعداد له بين وزيرين، أحدهما غادرَ لمفازاته، والآخر جاء من مفازاته -وننتظر ماذا سيفعلُ لنا وبنا -!.

كانَ على وزارة قررت استضافة مدن البُن، ودولة كأس العالم، ووطن با ولو كويلهو(الروائي العالمي).. كان عليها أن تتعامل مع جميع أعماله، ومؤلفات أبناء هذا الضيف بمرونة أكثر، إكراماً، وتكريماً له .. !

- استطراد-

. . (سمعتُ وأنا أتنقّلُ من دار لأخرى عدد ضخم يتساءل عن روايات با ولو كويلهو يقولُ أحدهم جهلاً بثقافة هذا الضيففيذا كتّاب برازيليين عندكم!؟).

ثمّ من باب النكات سمعتُ أحد يتساءل إحدى الدور عن رواية اسمها (كاكا!).

ثمّ أنا من باب الفضول رحتُ أتساءل عن رواية (11 دقيقة) لباولو كويلهو أحد أبناء هذا الضيف الكبير على وزارة الثقافة والإعلام السعودية، وتساءلت عن عدد آخر لكتّاب من هذا الوطن الضيف ولم أجدها أيضا!.

قلت في صمتي الخائبربما تكون هذه الأعمال مخالفة ، وتمَّ سحبها كغيرها! تماماً كما يفعلُ مرور الرياض مع السيارات المخالفة هناك..!).

.. غير أنني حصلت على بعضها بفعلِ فاعل.. فقد بُعثت كغيرها بعدَ أن قتلتها شروط فقه هذه الوزارة.. بُعثت من قبور طاولات، وأرفف هي الوزارة ذاتها من صمّمها ووضعها لغرض رصف الكتب ..!

. . الآن لنتساءل معا ألم تعمل هذه الوزارة الجديدة حسابات، لاحترام الأذواق القرائية، و الطبقات الثقافية المختلفة، والمتنوعة بالأوساط السعودية!؟

لماذا تقامُ في كل عام تظاهرة ثقافية في الرياض؟

لماذا تجتهدُ وزارة الثقافة والإعلام على مدار عام بأكمله ، وتُجهدُ عدد من موظفيها لإعداد قوائمَ المسموح والممنوع لإقامة (معيرض كتيّبات كهذا !؟).

لماذا يقطعُ المواطن السعودي في السعودية مسافات الآلاف من الكيلو مترات، ويخاطر بنفسه عبر الخطوط العربية السعودية وأخواتها، وعبرَ وزارة المواصلات والنقل البري، و ربما أولئك سكّان الجُزر قطعوا المسافات من منازلهم إلى الشواطئ، ثم التحمتْ كل هذه الأجناس البشرية، وصعدتْ، أو هبطتْ، لتدخلَ الرياض عبرَ معابرها المفتوحة، لتصلَ إلى معبرٍ فكري مغلق! أو مسموح بفتحه وفقَ شروط ووفقَ طقوس فكرية، ودينية، وثقافية تناسبُ المستوى الثقافي الأبسط، وتتماشى مع فقه الوزارة؟

لماذا نقرأ في الإعلانات عن معرض الرياض الدولي للكتاب كلاماً وحين نعبرُ الرياض ، نجدُ أن في الرياض معبرٌ مغلق!؟

أين المصداقية التي طمحنا لها في التغيّرات الثقافية الجديدة ، وحوار الأديان الكبير الذي بدأ من الرياض، من عندنا نحن ولن ينتهي؟

أين المحاور الجديدة التي نريدها ثقافات عالمية، وتطلعات معرفية تضافُ إلى حصادنا المعرفي الجديد؟

أيعقلُ أنه لا يوجدُ في وزارة الثقافة والإعلام من يجيدُ كتابة الأصفار ، أو تراها الوزارة أخطأت في عدد 600دار نشر، و 250000 مؤلف!؟

بعد خطاب الاستفهامات هذا عليَّ أن أقول بأسف شديد لقد نسيت هذه الوزارة احتدام و صراع الوسائل الإعلامية الأخرى التي تركضُ في المضمار الصدري للقارئ السعودي طالبة ودّه، وملبية جميع طلباته (بكبسة زر!)

هذه (الأزرار) التي لا تخبئ أحداً، وليس لأحد من سلطة، وقدرة على حصارها ، أو بناء جُدر عازلة بينها وبين قراء هذا الوطن بجميع أجناسهم، وثقافاتهم، ومذاهبهم .

ثم إن تناقضات هذه الوزارة تتضخم من وزير لآخر، وتشتّتها الكبير في مواجهة الرواج العاطفي ، والجنسي، والطائفي في المشهد الثقافي السعودي هي التي خلقته بهذا الحصار الكبير!.

وحده الكِتاب يا وزارة العزل والمصادرة له طرق وأبواب لا توارب أمامه – وأنتم تعلمون- أن في السعودية كل الطرق تؤدي إلى رواية. وفي معرض الرياض للكتاب كل بطون الطاولات تؤدي إلى كتاب ممنوع. والأرفف في معرض الرياض الدولي للكتاب لا تظهرُ أحدا، والسجاجيد تغنيّ ، وتردّد من أسفلها (يا ولدي ممنوع ، مرغوب ..!)

في هذا المعرض أجبَرت وزارة الثقافة والإعلام السعودية بعض الدور، والقائمين عليها ، وعدد لا بأس به من موظفوا الجمارك السعودية ، على اختراق وتحطيم جدار المنع العازل الذي عمدت هي على بناءه بين مطار الرياض الدولي، وبين معرضها الدولي!.

هذا الذي بنته بلبنات من فقهها الغارقُ بالتناقضات والمنع، والمصادرة.

هي بهذا الحصار الشديد فتحت سوقا سوداء،ومعرضا سريّ البائع، ورجل الجمارك، و موظفوا الدور الخلفيين هؤلاء هم من بنوه تحت الطاولات، وخلف المجلدات الضخمة، المرصوفة كستار بنوه بنسيان وتجاهل لحديث: (لعن الله الراشي والمرتشي و الرائش) حديث شريف.

وحده القارئ السعودي فوق هذه الأرض(تقريباً)دوما يفتّشُ عن رغباته ونزواته في مهملات الأوراق، وفي سلال الباعة، والكتّاب الصحراويين!.

ووحده من يقطع المسافات في حرب مع الطرقات المحطّمة حتى يصل إلى الرياض، وفي صراع من الإسلفت السريع المغشوش ، والحفر الكبيرة الغارقة بالصرف الصحي !.

ووحده أيضاً من يزاحمُ ، وينتظر بالمطارات ليحصل بعد وساطات على مقعدٍ في طائرة (خردة) من طائرات الخطوط السعودية ، وأخواتها..!

ووحده بإذن الله سيستثنى من (حديث اللعن) هذا. . لأنه لا راشي ، ولا مرتشي ، ولا رائش، إنما هو قارئ يفتّشُ عن ثقافته وعلينا جميعا احترام ثقافته، وكذلك هو أضحية لمحاصرة الوزارة لرغبته في الاطلاع على ثقافات الشعوب الأخرى!.

أخيراً:

أبقي شيء في معرض الرياض 2009 للكتاب بعدَ تلك الأسطر لم يُذكر هنا!؟

نعم بقي الكثير ، ولكنه ممنوع من النشر، فليس هناك صحافة جرئية

وشجاعة على الكتابة المفتوحة ، ورمي الجِمار الكِبار فنحنُ ما زلنا في علاقة رديئة في الفسح عن أحاديث الثالوث المحرّم! ، والكتابة الواقعية تجاه أخطاء، وتناقضات الوزارات لدينا. والتزام الصمت تجاه الواقع، وتغييب كثير من الأمور

ثم لا أنسى أن أقول قبل انتهاء الباب الأول من الفقه:

شكراً لوزارة الثقافة والإعلام على هذا المعرض الجميل، وعلى القارئ السعودي والزوار أن يستعدوا لمواجهة قادمة مع معارض الكتاب القادمة، أو يفتّشونَ سريعاً وأنا أولهم عن حجوزات لمعرض الكتاب القاد بأبو ظبي التي لا يفصلُ بيننا وبينها غيرُ أميال ليحضروا ما يشاءون حيث هناك تُقبل الكثير من الثقافات، والحضارات، والفِكر المتنوع، والنقد البناء .. الشديد اللهجة ، أو المستمد من القول الشهير السلاح الي ما يصيب يدوش ..)

* رئيس قسم الإعلام اليوم
المصدر : صحيفة الشباب اليوم الإلكترونية ..