منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - تسوّل الأفكار
الموضوع: تسوّل الأفكار
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-28-2009, 04:43 PM   #1
حسين الراوي
( كاتب )

الصورة الرمزية حسين الراوي

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 18

حسين الراوي غير متواجد حاليا

افتراضي تسوّل الأفكار


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

الفكرة ابنة الفِكر، وهي كل ما يطرأ في رأس الإنسان من أشياء كثيرة لا يُحصى عددها منطقية كانت أو غير منطقية، والتفكير وتبعاته من الأفكار هو الفارق الأكبر بين البشر وغيره من المخلوقات. للفكرة الجميل الكبير الذي لا يُرد في حق البشرية كافة وغيرها من المخلوقات، فعن طريق «الفكرة» ارتقى الإنسان وتطوّر وتكوّنت العلوم والمصنوعات والحلول والأمنيات كافة التي تم تحقيقها. تُحلّق الفكرة في خيال الإنسان كما يُحلّق الطير في كبد السماء، وكلما أخذ الإنسان يجتهد ويتعمق ويتأمل في فكرته كانت فكرته تمد جناحيها وعنقها في أفق العقل باتجاه الشجرة التي سوف تحط عليها وتنتهي رحلتها بالوصول إليها. يقول ألبرت إينشتاين: «الخيال أكثر أهمية من المعرفة، الخيال يحيط بالعالم». ويقول الماركيز دوساد: «إن سعادة البشر كلها لهي في المخيلة».
إن تسوّل المال أو تسوّل الخبز أو تسوّل الثياب أو تسوّل العواطف لا يريد أكثر من أن يمد الإنسان يده يستجدي المارة على اختلاف عقولهم وجنسياتهم ومشاربهم وثقافاتهم، لكن تسوّل الأفكار يحتاج لأن ينتقي الواحد مِنا العقل الواعي أو العقل المثقف أو العقل المبدع أو العقل الراقي كي يتسوّل منه فكرة جميلة. وتسوّل الأفكار أرقى أنواع التسوّل، وهذا لأن منح الأفكار أو تبادلها بين الناس فيه منفعة كبيرة ومشتركة ليس بين طرفين فقط، بل قد يكون لمجموعة كبيرة من الناس.
أحياناً عندما أكون متعب فكرياً أو نفسياً أستجدي بعض الأصدقاء أو الزملاء فكرة جميلة لكتابة مقال جديد، وأضع في الحسبان ألا أنظر إلى المستوى التعليمي أو المستوى الثقافي أو المستوى الوظيفي لذلك الشخص الذي سأطلب منه فكرة المقال. في معظم الأحيان أجد عند البسطاء أجمل الأفكار وأعذبها، فعند حارس الأمن البسيط أجد فكرة جميلة، وعند الخباز أجد فكرة جميلة، وعند فراش العمل العام أجد فكرة جميلة، وعند بائع الدجاج أجد فكرة جميلة، وأنا يسعدني أن أنال رضا هؤلاء البسطاء وأمدهم بما يحتاجون من خبز وفول وبيض وجبنة دمياطي وكولا وشاي وبعض المجلات القديمة وأشرطة الكاسيت، لأنه «أدهن السير يسير»، ولأنه لا يُخدم بخيل، ولكي تبقى العلاقة بيننا ثقافة على بطن، عفواً أقصد: سمن على عسل!


نشر في جريدة الراي وموقع روح :
http://roo7.net/index.php?news=139

 

التوقيع

لا تهتم كثيراً بوحدتك وصمتهم ،إنهم يؤدون صلوات الإعجاب بك سراً !!

alrawie1@hotmail.com
موقعي . . روح


التعديل الأخير تم بواسطة حسين الراوي ; 02-28-2009 الساعة 05:27 PM.

حسين الراوي غير متصل   رد مع اقتباس