ربما النجوم هي الوحيدة التي تُكابد سهرَ الليل دونـَ أن تتحدثــ.
صامتة، بلا تململـ ..وتُقاتلــ لكي لا تنطفئ قبلـ بزوغ أولـ خيوط الفجر.
إن نظرتـُ إليها ابتسمتــ بِ تعبــ كَ تلك البسمة في عيني أُمي، وإن حاولـتـ
الحديثــَ معها أشارتـ إلى الساعة.
ـ أُريد الحديثــ وموعد رحيلك أزفــ،
تتكلم أخيراً لِتقولـ:يُفترض بك النوم الآن ،ليالي الشتاء لاتصلح لمسامرتي.
:
لا أشعر بالبرد أنا..لكن شعوراً آخر أُريد أن أُحدِّثكِ بهـ...يخنقني
ودمعاتي تُزاحمهـُ وأنفاسي بين ذاك وذاكـ...تُكابد.
.
تصمتــ النجمة وتشيرُ إلى معطفي بجانبي،فأتسربل بهـ وأُسنِد رأسي
على بابـ المدخل وأغفو.
وحينَ أيقظتني نسمة هواء باردة ،كان ضوء النجوم قد بدأ يَخفتـْ..ومازالتـ ابتسامتها
تعلوها..رفعتـُ رأسي لأُلِّمَ بأكبر قدرٍ أستطيعهـ من نظرٍ لِلسماء،لأجمع النجوم كلها
في قلبي، لأتنفس...لأُحدثـَ الصُبح عما مرَّ بي في ليلةٍ فائتة ،وما رأيتــ..
قالتـ لي النجمة مُفاجِئة:
ألن تذهبي إلى حيث يُفترض بك الآن.؟
ـ ليسَ بوسعي ذلك ،فكلما نويتـُ النوم آلمني رأسي أكثر.
أقولُ ذلك وأنا أمشي في وسط الفناء رافعة رأسي وسعيدة..حدثتني أخيراً
_بيني وبيني قُلتـ _ وانا أنتظر ردها..
قالتـ: كلنا لانفعل مانود ،لكن يجبـ أن نقوم بما يجبـ، وسـ تُفسح لنا الحياة من مفاوزها
الكثير..لِ نقم بواجبتنا وننتظر فقط.
ـ يااااااه...لا أملك من الصبر ماتملكين، ولا أود ،ولن أفعل
لا أُريد مايجبـ .وأعلم أني سأستسلم أخيراً، وبخيبةٍ صغيرة خفتـَ صوتي
وقلتــ : طريقنا المرسوم لنا سنسلكهـ...
مع التسديد والمقاربة والتوكل..
و أردفتــُ ذلك بِضجر :
رأسي يؤلمني يانجمة ،حتى هُنا.
.
.
ونهضتــُ أسحبـ أقدامي إلى الداخل.
ولحِظتــُ آخر العلاماتــ على وجهـ نجمتي ..قلق.
.
بعد أن أويتـُ إلى سريري..
طَرَقَتــ على نافذتي النجمة
وبابتسامة قالتــ:
هاكِ معطفك،نسيتيهـ.
شكرتها، ودعتها وأغلقتـُ النافذة.
بينما مازالـ في داخلي ألم ٌو صِراعٌ ..يحتدم.