13
قو قريس !!
من أي لغات العالم هذه الكلمة ؟
ما أصلها وما مشتقاتها ... لا زلت إلى اليوم لا أعلم من أين جاءت .. لكنها جاءت على ألسن الأطفال الصغار في قريتي الصغيرة ... ويبدو لي أنها محرفة فأنا أسمعها في قرية أخرى [ قريص قريص ] وهي تصغير لكلمة [ قرص .. من قرصان ] !!
قوقريس .. كلمة كانت تنطلق من أفواه الأطفال الصغار ، ولها موعدها المحدد ، حيث ينتظر الأطفال مساء الخميس الآخير من رمضان ... من بعد آذان المغرب .. ليطوفوا بها شوارع القرية وأزقتها .. يطرقون كل باب .. وهم يرددون كلماتها مترنمين بألحانها .. حيث تقول كلماتها :
قو قريس ... ليلة الجمعة خميس
عطونا عيدنا عادت عليكم
يا جعل البين ما يدخل عليكم
وذاك محمد طول الله عمره
طول النخل والسايلاتي
دوح دوح .. يا بو قرص مملوح
هو به شيء ... والا نروح !!
[ محمد ] يختلف باختلاف صاحب البيت أو أكبر الأولاد !!
بتلك الكلمات العفوية ، وبتلك الترانيم الطفولية ، ينطلق الأطفال في مجموعتين .. مجموعة للبنين .. وأخرى للبنات .. ثم يسيرون يطرقون كل باب .. يرددون تلك الأهزوجة .. يطلبون حلاوة العيد ، وقد استعد كل بيت لإدخال السعادة لقلوب الأطفال ... فهناك [ الحمص الأحمر ] و [ الحلوى الشكليت ] [ وبعض قطع البسكويت ] وهناك بعض الريالات الورقية والمعدنية التي توزع من بعض أهل البيوت الميسورة ...
عندما ينهي الأطفال ... أهزوجتهم .. يسألون أهل الدار !!
[ احنا نطول والا نقصر ]
إن كان الرد من أهل البيت [ طولوا ] يعني انتظروا قليلا فالخير موجود .. ثم الإنتظار
وإن كان الرد [ قصروا ] يعني لا يوجد لدينا شيء نعطيكم إياه !!
ردد الأطفال في غضب وسخرية ... [ في عشاكم صاع ذبان ]
في الماضي بعض البيوت لا تملك ما ينجيها من صيحات الأطفال ، أو من سخريتهم ، ودعواتهم بصاع الذبان .. فيعمدون إلى بعض المتوفر من خبز التنور .. أو اللقيمات .. أو حبات التمر .. وغيرها ..
ولعل من الطريف أننا ذات مرة .. وبعد أن امتلأت أكياسنا .. بكل ما لذ وطاب من الحلوى وقطع البسكوت ، والحمص .. وغيرها .. جئنا لبيت شيخ القبيلة ... فلم نجد عنده ما كنا نتوقعه خاصة أننا كنا ننظر إليه أنه أحسن واحد في العالم !!
بعده خرجت لنا زوجته توزع شيئا أسودا في قدر تحمله .. وتملأ أكياسنا بهذا الأسود ... وكان هذا الأسود [ عدس أسود مطبوخ ] كنا نسميه البنسل ... كان رطبا طريا .. وقد صبته على الحمص والحلوى ... فأخربت علينا كل ما في أكياسنا .. واختلط البنسل مع الحمص والحلوى .. فخسرنا كل ما جمعناه في تلك الليلة ... ونجا الشيخ وأسرته من صيحاتنا [ في عشاكم صاع ذبان ]
وكثيرا ما كنا نواجه هجوما شرسا ممن يكبروننا سنا .. حيث يأخذون غصبا كل كيس استطاعوا الوصول لصاحبه .. وهم لا يسيرون معنا .. لأنهم كبار .. ولكنهم يتخطفون من أيدينا بعض الحلوى والبسكوت ... هذا إذا سلم كامل الكيس من الاختطاف !!
يتبع بإذن الله