منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - خيمتي الرمضانية بعض حنين وذكريات ..
عرض مشاركة واحدة
قديم 09-11-2008, 02:57 AM   #15
عبدالله العامري
( كاتب )

الصورة الرمزية عبدالله العامري

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 0

عبدالله العامري غير متواجد حاليا

افتراضي



4

بعد أن تمتلئ البطون ، يشكر الناس الله على ما أنعم عليهم ، بعد أذان العشاء يصطحب الأب أبناءه لأداء صلاة العشاء والتروايح ، والويل لمن تخلف من الأبناء عن أداء الصلاة ، ذلك أن كل رجل من أهل القرية يعلم أبناءه الصلاة ولا يسمح لهم بالتهاون فيها مهما كان ، في مسجد صغير يجتمع الناس ، القرآن ربيع قلوبهم إلى أن تقام الصلاة ، وعندما تقام الصلاة يأتي من آخر المسجد رجل قد جاوز المائة من عمره ، يسير إلى الصلاة وكأنه ابن العشرين ، ذلك الرجل الذي امتلأ قلبه بالقرآن فحفظه عن ظهر قلب ، هو [ المطوع ] كما كان يحلو لأهل القرية تسميته ، ذلك أنه يحفظ القرآن الكريم كاملا من صغره ، يتقدم الصفوف ليؤم الناس .. كأنما أوتي مزمارا من مزامير داوود ، صوت شجي ، ونبرة كتلك التي نسمعها في المسجد الحرام للشيخ عبد الله الخليفي - يرحمه الله - ..


في الصغر كان الترنم بالتأمين مع الإمام أثناء صلاة التراويح [ آمين ، آمين ، آمين ] هو الذي يجذبنا لإكمال الصلاة ، وكذلك الخوف الذي يحدثه والدنا في قلوبنا لو لم يجدنا جميعا في نهاية الصلاة وقد أدينا الصلاة معهم .


يخرج الناس من المسجد ، لتنعقد جلسة سمر أمام المسجد ، بتبادلون فيها أحاديثهم والأخبار ، ومشروعاتهم الزراعية والرعوية ، أو يجتمعون في بيت أحدهم يتسامرون ويتناولون ما تبقى من طعام الإفطار وغالبا السهر لا يتجاوز العاشرة والنصف مساء ...


بعد أول نصف يوم صيام .. كنت قد تلقيت توجيها من والدتي بأن أنام مبكرا كي أستيقظ للسحور ، كنت أظن أن السحور يشبه الإفطار ، شوربة ومكرونة .. ومهلبية !!
وعندما أيقظوني وجدت أن السحور .. يشبه أكلنا في الغداء أو العشاء قبل رمضان ، كبسة باللحم أو الدجاج ، استغربت وقتها لماذا يسمونه سحورا !!


لم يغرني السحور بلذته ، ولم يتفوق على لذة النوم التي كانت تشدني من أجفاني ، مع كل نداء ومحاولات لجري للسحور .. أصيح [ ما أبي اتسحر ، خلوني أرقد ] .. وتبوء كل محاولاتهم بالفشل ، أكمل النوم .. وفي اليوم التالي أصيح عليهم [ ليه ما صحيتوني للسحور ]


يخبروني أنهم فعلوا ، فأنكر وأحلف أيمانا أنهم لم يفعلوا ، المشكلة أني لا أريد أن أظهر أمام الأخرين في صورة العاجز الضعيف الذي لا يستطيع الصيام .. دون سحور ، واليوم حسب الخطة التدريبية من الوالدة .. الصيام سيكون إلى العصر !!


بعد الظهر ، جاء طفل العاشرة ، بوجه قد شوهه الذبول ، وشفاه قد توسدها اليباس ، وجسم هزيل ، وصوت مبحوح ، وحالة يستحق معها الرحمة ... ومع محاولات الوالدة لإقناعي بأن أفطر ، إلا أن الكبير الذي يسكنني جعلني أرفض رغم الظروف المأسوية التي أعيشها ...

أكملت الصيام إلى العصر ... وعندما أذن العصر .. كأنما عادت لي الحياة من جديد ... !!




يتبع .. إن شاء الله

 

التوقيع

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

عبدالله العامري غير متصل   رد مع اقتباس