منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - خيمتي الرمضانية بعض حنين وذكريات ..
عرض مشاركة واحدة
قديم 09-07-2008, 03:56 PM   #13
عبدالله العامري
( كاتب )

الصورة الرمزية عبدالله العامري

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 0

عبدالله العامري غير متواجد حاليا

افتراضي


3


كنت قد عدت اليوم لحنين الذكريات ، قد هب علي عبق من طهر الماضي وصفائه ،(كتبت هذه الذكريات قبل عامين ) اليوم تناولت الإفطار مع الوالد والوالدة في القرية ، لم يتغير شيء ، لا زالت نفس الطقوس ، ونفس الأساليب ، لكن الحضارة قد امتدت للقرية لجمالها ، لهدوئها ، ولصفائها ، سفرة الإفطار تحتوي على نفس الأصناف تقريبا ، إلا أنها زادت بأشكال متنوعة من المعجنات والمحشيات ، وكثر الحلا .. فما عادت المهلبية هي الحلو الوحيد على السفرة ... بالأمس كان الذي يعد السفرة هم الأبناء والبنات ، اليوم الذي أعد السفرة الخادمة ، تلك التي تقوم على خدمة الوالد والوالدة بعد أن أجبرتنا الأعمال والدراسة الابتعاد عن القرية وأهلها .

اليوم لم ينس والدي وهو يسير إلى الخامسة والثمانين من عمره - حفظه الله وأطال في عمره - لم ينس التصريفة السابقة التي كان يصرفني بها ، لكنه اليوم أجراها على أبنائي [ تركي 6 سنوات ، ومحمد 4 سنوات ] لكنهم لم يصعدوا سطح منزل ، ولم يبلغوا سفح جبل ، ذلك أن مسجد قريتنا يلجلج به الأذان فيرتد لنا صداه عبر مكبرات الصوت ، فلم تفلح خطة أبي التصريفية .


سأعود للحديث عن وجبة الإفطار في الماضي ، وأعتذر عن هذا الاستطراد الذي جاء عرضا .. بعد تناول الإفطار الأول ، يخرج الأب وجميع الأبناء لأداء صلاة المغرب ، وترى الناس أفواجا يخرجون من بيوتهم في اتجاه المسجد ، يأتون فرادى وجماعات ، يؤدون الصلاة في هدوء وسكينة ، ثم يعودون للمنزل لإكمال الإفطار ...

الإفطار في السفرة الثانية عادة يتكون من [ الشوربة ، والمكرونة ، والشعرية ] وخبز التنور .. قبل التلفاز ، كان المذياع هو الوسيلة الوحيدة الإعلامية الموجودة عند أهل القرية ، كان برنامج [ أم حديجان ] الذي يقدم في ليالي رمضان هو البرنامج الذي يستحوذ على اهتمام الناس وخاصة كبار السن وما أكثر الضحكات التي يحدثها مقدم البرنامج في نفوسهم ، وهو في ذلك الزمان يعادل [ طاش ما طاش اليوم ] ، وبعد فترة جاء التلفاز ويتم تشغيله في المساء فقط ، فلم تصل بعد الكهرباء للقرية ، ويعتمد الناس بعد الفوانيس على مولدات الكهرباء التي تعمل من المغرب إلى الساعة الحادية عشر مساء ... بعد أن تم إيصال الكهرباء لأغلب بيوت القرية ، ومن المصادفة العجيبة أن وصول الكهرباء لمنازل قريتنا كان في شهر رمضان المبارك عام 1404 هـ !! - بدأ الناس يمدون فترات السهر ومتابعة التلفاز إلى ما بعد الثانية عشر ليلا ، واليوم لا بد لكي تسهر ليل رمضان الا تنام إلا بعد الفجر !!

فدخل التلفاز المنازل وبدأ الناس يتابعون برامج ما بعد الإفطار ، كان حديث الإفطار للشيخ علي الطنطاوي ، هو أول برامج ما بعد الإفطار ، لكنه كان ثقيلا على النفس ، لا تقبله ولا تقبل عليه ، خاصة نحن الأطفال ، ننتظر الكاميرا الخفية وبعض برامج التسلية ، ونتأفف من برنامج الشيخ رحمه الله ، وبعد أن قرأت كتب الشيخ واطلعت على فكره ، تمنيت لو تعود بي الأيام إلى الوراء ، وأعاهد الشيخ أن أتابع كل برامجه مستمتعا بكل ما فيها ، دون تأفف أو تذمر ، لكن للأسف لن تعود !

إن تحدث رحمه الله عن الفكر امتعنا بفكره ، وإن طرق مجال الأدب أخذنا لحدائقه الغناء ، وجداوله الرقراقة ، يتحدث فكرا وأدبا وطرفة حديثا لو عرفنا قيمته في الماضي ما مللناه !!


بعد تناول طعام الإفطار يبدأ الأب والأبناء الاستعداد لصلاة العشاء والتراويح ...




يتبع

 

التوقيع

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

عبدالله العامري غير متصل   رد مع اقتباس