.
.
الكتابُ الذي بينَ يدي هو ( طوقُ الطّهارة ) لـ محمد حسن علوان .
لن أمل حين أكرر مراراً و تكراراً بأن محمد حسن علوَان هو الأفضل في ترجمة الجُرح و وصف موقفٍ بعينِه .
و لأنني ألتهم كُتبه بغير رويّة فهي لا تنفّك من بينِ يدي إلا و قد امتلأت بخطُوطٍ متّصلة ببعضها تقريباً من القلم الرّصاص , فالكتابُ بمُجملِه مدرسةٌ مقروءة لا تملّ الدراسة بين صفحَاتها .
بعضٌ مما استوقفني :
- كأنّ الرياض ، عندما بدأتُ الحب ، كانت صفحة من الطين اللازب ،
و أنا وقعت فوقه بكلّ بصماتي ، وأخطائي ، وأسمائي ، ورغباتي ،
وحاجاتي العاطفيّة ، ثم جاءت الشمس لتجفّف هذا الطين الكثير ،
وتحفظُ آثاري فوقه إلى الأبد ، وتحيل الرياض برمّتها ، إلى منحوتة
هائلة تشهدُ ضدّي على كل ما فعلته وتذكرني به ، في الشوارع ،
والأزقّة ، والفنادق ، والمطاعم ، والسيارات .
- هذه الجلسة الجنائزية التي ما زلتُ أتذكرُ تفاصيلها جيداً عكّرت مزاجي شهوراً طويلة , و ظلّت رهبتها مُعلّقة في صَدري مثلَ هواءٍ محبُوس , يرفضُ أن أزفره .
كانَ مجرّد اِحتمال غيَابه فَجأة يُشبه أن أستيقظَ من النّوم فلا أجدُ سقفاً لغرفتي , و أكتشفُ أنّي في العراءِ التّام .
- تُرى ما الذي يستَعجلونَ حُدوثه في الرّياض ؟ ستمرّ الليلة , و تَأتي أُخرى شبيهةً جداً بسابقتِها , فليسَ ثمّة رحم أكثرُ إنتاجاً للتوائم المتشَابهة من ليلِ الرياض , فأيّ شيءٍ يجعلُنا نسبقُ الزمن لنبلغَ اليومَ الذي يليهِ إذنْ ؟
.
.