* الحلقة السادسة :
إندفعت الرينو في سلاسة عبر شوارع أنطاكيا .. والعم صالح يسأل عن أحوال والدي ووالدتي وإخوتي .... وأخبار عملي في المستشفى حتى توقف أمام محل لبيع الدجاج ... نزل أسعد من السيارة وإستدار مع مؤخرتها ... ليخاطب العم صالح قائلا في إهتمام :
كم واحدة أحضر ...
لا أدري بالضبط ماقاله ... ولكن بإعتقادي أنه قد طلب منه أن يحضر أربعا أو خمسه ... على ما يبدو ...
قفزت يدي إلى محفظتي فإندفعت يد العم صالح إلي وقبضت على كفي في صرامه وهو يقول في عتاب :
عيب عليك يا ولدي ... إنك ضيفنا ...
ثم إستطرد :
لو أنها صدرت من غيرك لكان لي تصرف آخر ...
غرقت في بحر من الحرج وأنا أعيد محفظتي إلى جيب معطفي وأخفض بصري بخجل عارم ....
حتى عاد أسعد بالدجاجات للعشاء ... وعاودنا الإنطلاق والعم صالح يشرح لي عن كل ما تقع عيني عليه ويقول في آخر كل معلومة :
ولكنك ستغير رأيك في الصباح ...
( افيدكم هنا بأنني قضيت وقتا طويلا مابين دخول الاراضي التركية في الثالثة والنصف عصرا حتى توقفنا في محطة البان التركية داخل الضاحية مما استلزم غياب الشمس )
وصلنا إلى طريق زراعي تحيط به الخضرة والأشجار الباسقة التي تعانق بعضها بتناسق بديع من صنع الخالق جل وعلا ...
إخترقنا الطريق والهواء العليل يلطم وجوهنا بنعومة ...
ودخلنا في عمق حربيات وأنا أسمع خرير الماء ... وأرى الورود والأشجار ....
بدت بيوت الضيعة في غاية السكون ...والوداعة ... كطفل يرقد بحضن أمه بأمان ...
بقيت أسيرا للمنظر حتى توقفت السيارة عند منزل من ثلاثة أدوار ... يلفه الظلام جزئيا ... والأنوار تختلس النظرات من نوافذه المختلفه ....
وصوت العم صالح يقول في ترحيب :
أهلا بك في منزلك يا مجد ...
وخفق فؤادي بلهفة لا حدود لها ......