فيمَ نخشى الكلماتْ ؟
إنّ منها كلماتٍ هي أجراسٌ خفيّهْ
رَجعُها يُعلِنُ من أعمارنا المنفعلاتْ
فترةً مسحورةَ الفجرِ سخيّهْ
قَطَرَتْ حسّا وحبّاً وحياةْ
فلماذا نحنُ نخشى الكلماتْ؟
* * *
نحنُ لُذْنا بالسكونِ
وصمتنا، لم نشأ أن تكشف السرَّ الشِّفاهُ
وحَسِبنا أنّ في الألفاظ غُولاً لا نراهُ
قابعاً تُخْبئُهُ الأحرُفُ عن سَمْع القرونِ
نحنُ كبّلنا الحروف الظامئهْ
لم نَدَعْها تفرشُ الليلَ لنا
مِسْنداً يقطُرُ موسيقَى وعِطْراً ومُنَى
* * *
فيمَ نخشى الكلماتْ؟
إنها بابُ هَوىً خلفيّةٌ ينْفُذُ منها
غَدُنا المُبهَمُ فلنرفعْ ستارَ الصمتِ عنها
إنها نافذةٌ ضوئيّةٌ منها يُطِلّ
ما كتمناهُ وغلّفناهُ في أعماقنا
مِن أمانينا ومن أشواقنا
فمتى يكتشفُ الصمتُ المملُّ
أنّنا عُدْنا نُحبّ الكلماتْ؟
* * *
ولماذا نحن نخشَى الكلماتْ ؟
الصديقات التي تأتي إلينا
من مَدَى أعماقنا دافئةَ الأحرُفِ ثَرّهْ ؟
إنها تَفجؤنا، في غَفْلةٍ من شفتينا
وتغنّينا فتنثالُ علينا ألفُ فكرهْ
من حياةٍ خِصْبة الآفاقِ نَضْرهْ
رَقَدَتْ فينا ولم تَدْرِ الحياةْ
وغداً تُلْقي بها بين يدينا
الصديقاتُ الحريصاتُ علينا، الكلماتْ
فلماذا لا نحبّ الكلماتْ؟
ـــ من إبداع / نازك الملائكة .