.
.
في أيام رمضان المبكرة كانت والدتي منحها الله الصحة وطول العمر تمارس معنا أسلوب واع في
إذكاء التنافس بيننا من أجل ختم القرآن في أقل وقت ممكن ، ولأننا كنا أربع أخوات في المقدمة
واربع أخوان أتوا بعدنا فقد كانت المنافسة تزداد عام بعد عام .
أكثر ما كان يغيضني عشقي للمسلسلات التي كانت تبث في ذاك الوقت وخاصة " ملح وسكر "
بطولة دريد لحام ومجموعته ، ولأن أخواني وأخواتي يعلمون بنقطة ضعفي هذه فقط كانوا يستغلوا
كل الوقت الذي أجلسه أنا أمام شاشة التلفزيون لكي يقطعوا أكبر قدر من أجزاء القرآن لأجد نفسي فجأة
بيني وبينهم مسافة بعيدة ، ولأننا تغذينا على التنافس الجميل فيما بيننا فقد كنت أستغل وقت نومهم
لأتم ما قطعوه وهكذا عرفت بينهم وحتى الأن أني الأقل نوما ، والصديقة الأكثر حميمية لـ الليل الذي أمارس
فيه جميع هواياتي وأهمها القراءة ، وبإدماني للكتب أصبح عالمي يتلون بعوالم الآخرين الذين أقرأ
عنهم أو لهم ، وكان العيد هو فرصتي لإشباع هذه الجنون الذي كان ينمو في داخلي كل يوم .
ففي العيد تحصل على مبلغ من المال من الأهل والأحباب لو بقيت العام كامل وأنت تقوم بالتوفير والإقتصاد
لن تحصله ، وكانت تلك الذخيرة التي أجمعها تذهب كلها إلى الكتب بخلاف جميع إخوتي حيث كانت الألعاب
هي التي تأخذهم بجنونها ، وبقيت حتى اليوم أكرهها وأكره تلك الأماكن وأكره التواجد فيها ،
فأطلق علي أخوتي القادمة من العصر الحجري .
سقى الله تلك الأيام
نـور