///
{ يا دجلة الخير}
لِـ مُحمد مهدِي الجَواهِري
فِي الرابِط أدنَاه نُبذةٌ عنه ..
http://www.adab.com/modules.php?name...t=ssd&shid=327
/
/
[POEM="font="Simplified Arabic,5,seagreen,bold,normal" #663333"transparent" bkimage="" border="double,3,#663333" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
حيّيتُ سفْحكِ عن بعدٍ، فحيّيني=يا دجلة الخير، يا أمَّ البساتينِ
حيّيْتُ سفحكِ ظمآناً ألوذُ به =لوْذَ الحمائم بين الماءِ والطينِ
يا دجلةَ الخير يا نبْعاً أفارقُهُ =على الكراهةِ بين الحين والحينِ
إنّي وردْتُ عيون الماءِ صافيةً =نبْعاً فنبْعاً، فما كانت لترويني
وأنت يا قارباً تلْوي الرياحُ =ليَّ النسائمِ أطرافَ الأفانينِ
وددْتُ ذاك الشراع الرّخصَ لو كفني=يُحاكُ منه، غداة البيْنِ، يطويني
يا دجلة الخير: قد هانت مطامحُنا =حتى لأَدنى طِماحٍ غيرُ مضمونِ
أتضمنين مقيلاً لي سواسيةً =بين الحشائشْ أو بين الرياحينِ
خِلْواً من الهمِّ إلا همَّ خافقةٍ =بين الجوانح أعنيها وتعْنيني
تهزّني فأجاريها فتدفعُني =كالريح تُعْجلُ في دفع الطواحينِ
* * *
يا دجلة الخير: يا أطياف ساحرةٍ =يا خمر خابيةٍ في ظلّ عُرجونِ
يا سكْتَةَ الموتِ، يا أطيافَ ساحرةٍ =يا خنْجَر الغدر، يا أغصان زيتونِ
يا أمّ بغدادَ، من ظَرْفٍ ومن غَنجٍ=متى التبغْددُ حتى في الدهاقينِ
يا أمّ تلك التي من (ألف ليلتها) =للآنَ يعبقُ عطرٌ في التلاحينِ
يا مُسْتجمَّ (النواسيّ) الذي لبستْ=به الحضارة ثوباً وشْيَ (هارون)
الغاسلِ الهمّ في ثغرٍ وفي حَببٍ =والمُلْبسِ العقْلَ أزياءَ المجانينِ
والسّاحبِ الزقّ يأباهُ ويُكرِههُ=والمُنْفقِ اليوْمَ يُفْدَى بالثلاثينِ
والرّاهنِ السّابريَّ الخزّ في قَدحٍ=والمُلهمِ الفن من لهوٍ أفانينِ
والمُسمعِ الدّهرَ والدنيا وساكنَها =قرْعَ النواقيسِ في عيد الشّعانينِ
* * *
يا دجلةَ الخير: ما يُغْليكِ من حَنقٍ =يُغلي فؤادي، وما يُشجيكِ يُشجيني
ما إن تزالُ سياطُ البغْى ناقعةً =في مائكِ الطُهرِ بين الحين والحينِ
ووالغاتٌ خيولُ البغْيِ مُصبحةً =على القُرى - آمناتٍ - والدهاقينِ
يا دجْلَة الخير: أدري بالذي طَفحتْ =به مجاريك من فوقٍ إلى دُونِ
أدري على أيّ قيثارٍ قد انفجرتْ =أنغامُكِ السمّرُ عن أناتِ محزونِ
أدري بأنك من ألفٍ مَضَتْ هَدراً =للآنَ تهزْينَ من حكمِ السلاطين
تَهزين أنْ لم تَزَلْ في الشرق شاردةً=من النواويس أرواحُ الفراعينِ
تهزين من خِصْب جنّاتٍ مُنثرةٍ =على الضفافِ ومن بُؤسِ الملايينِ
تهزيْنَ من عُتقاءٍ يوم ملحمةٍ=أضفوْا دروع مطاعيمٍ مطاعينِ
الضارعين لأقدارٍ تحِلُّ بهمْ =كما تلوّى ببطن الحوت ذو النونِ
يروْن سود الرزايا في حقيقتها =ويفزعون إلى حدْسٍ وتخمينِ
والخائفين اجتداع الفقر مالهمو =والمُفضلينَ عليه جَدْعَ عِرْنينِ
واللائذين بدعوى الصبر مَجْبنةً =مستعصمين بحبْلٍ منه موهونِ
والصبرُ ما انفكّ مرداةً لمحتربٍ =ومستميتٍ، ومنجاةً لمسكينِ
يا دجلةَ الخير: والدنيا مفارقةٌ =وأيّ شرٍّ بخيرٍ غيرُ مقرونِ
وأيُّ خيْرٍ بلا شرٍّ يُلقّحهُ =طهْرُ الملائكِ من رجْسِ الشياطينِ
يا دجلةَ الخير: كم من كنْز موهبةٍ =لديْكِ في (القُمْقُمِ) المسحور مخزون
لعلّ يوماً عصُوفاً جارفاً عرساً =آت فترضيك عقبان وتُرضيني
يا دجلةَ الخير: إن الشعر هدهدةٌ =للسمع، ما بين ترخيمٍ وتنوين
عفْواً يردّد في رَفْهٍ وفي عَللٍ =لحن الحياة رخيّاً غَيْرَ ملحونِ
يا دجلة الخير: كان الشعر مُذْ رسمتْ =كفّ الطبيعةِ لوْحاً (سفرَ تكوينِ)
يا دجلة الخير: لم نصحبْ لمسْكنةٍ =لكنْ لنلْمِسَ أوجاعَ المساكينِ
هذى الخلائقُ أسفارٌ مُجسّدةٌ =المُلهمونَ عليها كالعناوينِ
إذا دجا الخطْبُ شعَت في ضمائرهم =أضواءُ حرْفٍ بليل البؤسِ مرهونِ
دَيْنٌ لزامٌ، ومحسودٌ بِنِعمتهِ =من راح منهم خليصاً غير مديونِ
* * *
يا دجلةَ الخير: هلا بعض عارفةٍ =تُسدى إليَّ على بُعدٍ فَتجْزيني
يا دجلةَ الخير: منّيني بعاطفةٍ =وألهميني سُلواناً يُسلّيني
يا دجلةَ الخير: من كلّ الاُلى خبروا =بلوايَ لم أُلْفِ حتّى مَنْ يُواسيني
يا دجلةَ الخير: خلِّي الموج مُرتفعاً =طيفاً يمرُّ وإن بعْضَ الأحايينِ
وحمّليه بحيثُ الثلجُ يغمُرني=دفْءَ (الكوانينِ) أو عطر (التشارين)
يا دجلةَ الخير: يا مَن ظلَّ طائفُها=عن كلّ ما جلت الأحلامُ يُلهيني
لو تعلمين بأطيافي ووحشتها =وددّتِ مثلي لو أنّ النوْمَ يجفوني
يا دجلةَ الخير: خلّيني وما قَسمت =لي المقاديرَ من لدْغِ الثعابينِ
[/POEM]
/
يُسكبُ الـ ثَمينُ هٌنا / للـ نَواف
