![]() |
كلماتٌ مِن قصب !
الحروف تتشظى لتمنح المارّين المتعة ، وقد تمنحهم الألم . لاشيء يُجبرها على أن تغير مَسارها ، إلا تلك العَقبة التي تنقلها ، لدنيا الصّمت طواعية ، وماكانت تلك إلا : كلماتٌ من قصب توحي لها بأن الكلمات قد تكون يومًا ، كوخًا ، وقد تكون طائرًا وقد تكون صفرًا ! وقد تكون عمرًا جديدًا ! ولهذا سَيكون هُنا .. إِهْراق حَرف بكل ماتعنيه الكلمة مِنْ معنى ! |
الكتابة قد تمنحني فرصة الوقوف على ساحل حرف آخر أقرأ صمته وصوته ، أتمعن في هديره وسكناته أنظر إلى المارّين عليه ، العابثين بشواطئه ! أواسيه ، أحاول نجدته من لهو عابر ورخيص ! أكتبه لونًا جديدًا وأرسمه صورة نقيّة وأهديه ثم أهديه ، كل الأمنيات بأن ينجيه الله من براثن الغواية ! ويحصل أن أصرخ به ، وأن أهدد بالرحيل ليعود إلى رشده .. وإن لم يفق ؛ أرمي الكلمات وأرميه في أودية العقل .. وأرثيه ! علّه في يوم ما ، يتعلّم التحليق من جديد ، ويعود صقرًا للكتابة كما كان ! |
لماذا حين أصل إليك أنسى نصف الكلام ؟! لماذا أمامك كل الأشياء تتلاشى ؟! لماذا أهرب منك ، وأشتاقك ؟! لماذا أنتظرك ، وأعلم أنك حضرت لتوقع ميثاق الرحيل ؟! أيّها الحلم الغائب : سأُسكِنُكَ الكوخَ ، وأمضي ، ربما تَمرّ روحًا طاهرة عليك ، فتحفظكَ عندها ، أو تُسكنكَ موج البحر، وحتّما ، سألقاك ، سألقاك ! وإن كنت على ظهر قارب ورقي تجلبه أمواج البحر إليَّ في ظهيرة شوق آسر ! سألقاكَ ! |
بهيئة مُتعبَة يُطل هذا الشّتاء على قلوبِ اللاجئين ،
وَيمنحها المَزيد مِن الأسى ! |
هُنــــا أخادعُ نفسي ! هُنا أخبرها أن وطني سيكون بخير وأن المقصلة أعدّت للخائنين يصافحونها أفواجا . هنا أخبرُها أن الصغار سيجدون مايكفيهم من الحليب ليصبحوا أشدّاء على الكفار رحماء بينهم ! هُنا أخبرُها أن الكتابة غاية يصلها الغارق في النقاء، العاشق للأدب النبيل ، ووسيلة لتوجيه الأشبال طريقة وضع الكسرة عوضا عن الياء في أكثر المواضع ! . هُنا أخبرها أن الجسور التي انهارت بالعابرين نحو الحب ، احتفظت بذكرياتهم تحت ركام الصخر الذي احتضنها ليظهرها يوم ميلاد أحفادهم الصغار الذين ولدوا من صلب من لايعرف الحب ولايفهم كيف يحبُّ الأتقياء ! هُنا أجعلها تبتسم في غفلة من زمن مترع بالغدر ، آيل للسقوط كجميع الإمبراطوريات السالفة . هُنا أهمس لها بأن الراحل أجلَّ لحظة رحيله ليوم غير معلوم ، كي تقر عينها ولاتحزن ! هُنا أقول لها : سأشارككِ فرحة حلمت ِبها منذ آخر دمعة هطلت بعد آخر خيبة أمل حصلت . هُنا أحكي لها قصص الوفاء التي حفظتها من حكايا جدتي الخرافية !! هُنا أسامرها لتنشغل عن مراودة حزنها كل ليلة بـــ : هيت لك ! هُنـــا ألهِيها عن سُؤالي : ماتفعلين هُنا ؟! |
تَمْتَمات .. أجدُني في حُروفهِم ، أُخفي مَلامِحي ، حتَّى لايَعْرفني مِقصّ الرّقيب ، وَيقولُ ، إنّها كلمة دَخيلة ! ، أشّتَهي ذاكِرة ،لاتَأتيني مُحمّلة بِالغيابِ! . ، في غيابٍ قَسري ، تَعلمتُ أنَّ العَودة لابد وَأن تَكون مَرهونة بالكثيرِ من التضحياتِ وَالقليل جدًا مِنَ السكر ! . ، أعتذرُ ؛ لذلك الحُلم الذي أطلقته في الفضاءِ ، قبلَ أن أعلّمه فن الطيران ! . ، في النفسِ الأخير مِنَ الليل ، تَطمئن كثيرًا ، لأنّها ستعانقُ الفجرَ دون خَسائر تُذكر، فلا دُموع على رخيصٍ هُدرت! ، ولا خَفَقات لغيرِ الله اضطربتْ ! . ، تلك الأمنية العقيمة ، لم تلد إلا الانتظار الذي عجز أن يأتي بدهشةِ اللحظة ! ، سهولة السؤال ، لاتعني أننا نقوى على الرد ، فما أسهل طرح السؤال ! وماأصعب أن تتبعثر الأبجدية على الشفاه ولانجيب!! ــــــــــــــــــ |
أهرب كفكرة شاردة فأجدني مقيّدة في سطورٍ تُجيد اصطيادي بطريقة سلّمية ! . |
حين يقطر القلم دمًا تتلاشى السطور أمامه . يغرق في العتمة ولادليل ، إلا بصيص نور نهاية نفق لانهاية له ! إنّه يبكي الحرية الموؤدة .. يبكي بسمة طفلة بريئة ليلة العيد ، اغتالتها يد الظلم بكل قسوة . يبكي الوفاء الراحل في قلوب قررت أن لاتعود . يبكي النفوس الأبية التي هجرت أوطانها فأشبعتها الغربة ذلًا وحرمانا . يبكي الحب المفقود خلف ستار الرذيلة . يبكي قدرته على البوح والهطول على سطور تشتاقه ، يشتاقها ! يبكي عنفوان الحق حين تخمده الخيانة والتهاون . إنّه يبكي ؛ كلا ، إنّه ينزف ، فلاتعتبوا على من أشرقت في قلبه دموع القهر وجعل الحزن له مطيّة ، وقرر أن يرتدي جلباب الصمت ويبحث عن ذاته والهوية ! |
الساعة الآن 09:44 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.