![]() |
ثرثرة أنثى خرساء .. !
لي أكثر من لسان أملكُ عشرة ألسنة تتدلّى من كفيّ .. كتبَ عليّ أن أتحدّث بأصابعي و لهذا أكتُب ليسمعني الناس بأعينهم .. لأصرخَ بصوتٍ أعلى |
أكتبُ لكَ من خلف أسوار سجني الذي لم تزره يوماً، أنا الآن في هذه الزنزانة المغلقة، أترك خربشاتي على شقوق الجدران المفتوحة كالجروح تماماً ، جدران تبوح بثرثرات السجينات السابقات، يقابلني أيها الصديق عصرٌ يرتدي ثوبه الأصفر يطلبُ مني قهوة و ليس لديّ بنّ، لديّ قضبان و جدران و باب و أقلام و أوراق، يتآمر عليّ كل شيء في هذه الزنزانة .. تسخرُ منّي القضبان السوداء، يكتمُ ضحكه ذلك السقف الموحش، حتى الحشرات التي ترقص على جسدي و أنا نائمة .. لو تدري فقط أيها الصديق، بأي تهمة تمّ سجني، لو تدري لم حكموا عليّ سنوات عديدة بالأعمال الشاقة .. لجئتني بحصانك الأبيض و حررتني .. لأنّ جريمتي نبيلة نبل الجهاد . لكنّك غادرتني كما غادرتني حريتي ذات يومٍ خريفي من شهر تشرين الثاني، و لستَ حاضراً حتى لاستقبالي الآن، سيطلقون سراحي بعد ساعات قليلة لأرحل بعيداً، هذه ستكون آخر رسالةٍ، فأنا لن أترك لك عنواناً .. و لا رقماً .. ولا اسم مدينةٍ، من لا يزورني ساعات بؤسي لن أحتاجه أثناء رخائي، من لا يمسحُ دمعي لن أقتسم معه رغيف الإبتسامة .. ها أنا أرحل .. |
رأسي الذي على كتفيّ ليس كتابا تتصفحه وقت فراغك ، ثم ترميه على طاولة الملل حالما تنتهي منه، ليس خزانة تفتحها على عجل، فتأخذ منها ما يعجبك و ترمي أرضا ما لا يروقُ لك، رأسي لا عزيزي لن يكونَ ملكك أنت فقط لأنك أحببتني، هذا الرأس الذي أمامك هو ثروتي الوحيدة ! إن أعطيتك منه القليل لا يعني أنني سأتنازلُ عنهُ لكَ نهائياً، أو سأخلع الأبواب و أعلق ستارا كي يدخل إليه من هب و دب فيقرأ منه و لا يفهم .. !! لذلك اسمح لي بأن أحتفظ برأسي لنفسي لا يمكنني أن أعيش بلا رأس !!
|
علاقاتنا بالمدن حتما تشبه علاقاتنا بالأشخاص هناك مدن نحفظ ملامحها عن ظهر قلب و نشعر بالراحة بالتجول بين تقاسيمها الواضحة لا نرغب بمغادرتها و إن رغبنا فنحن نعود فورا و هناك مدن علاقتنا بها متوترة جدا لا تشعر بالارتياح و نحن فيها و لا يمكن لها أن تحتل مساحة شاسعة من القلب نكرهها و الهروب منها هو الأمنية الوحيدة .. |
الرحم الذي استقبلني ذات يوم مدة تسعة أشهر هو البيتُ المقدّس الذي الاطمئنان و يوم غادرته بليلة تشرينية باردة .. أدركت معنى التشرد و فهمت قدري جيداً.. أن أتشرد من مدينة إلى أخرى و من بيت إلى بيت و من قلب إلى قلب ! ليتني أعود إلى رحم أمي و أمكث هناك إلى الأبد !! |
لاتزالُ تغار من بطل خيالي أنا خلقتُه .. تلاحقه من زقاق لآخر بمخيلتي من أجل اغتياله، تحاول أن تشوّهَ كماله، تمنعني عن مواصلة الحلم به و الركض معه ببراري الوحدة الخالية من صخب البشر، بكل طفولية تنغّص نومي كي لا أهرب منك إليه لماذا تستمتعُ دائماً باغتصاب الأحلام البريئة مني ؟ لم تصرُ على قتل من هو أنت ! النسخة الخيالية المنقحة منك .. هذا هو السر الذي لم أبح لك يوما عنه، دعني أنام !
|
داخلي تعيشُ امرأتان امرأة تحبك بعنف، و الأخرى تكرهك بالعنف ذاته لا تتفقان أبداً و لا حتى تلتقيان أحيانا تغيب الأولى فتحضر الثانية و أحيانا تغيب الثانية فتحضر الأولى أمّا أنت يسكنك جيش من الرجال و كل رجل فيك يعاملني على هواه ! |
فتحت لك صدري، كي تلامس باناملك قلبي لا كي تقتلعه من مكانهو تقسمه نصفين كحبة تفاح لترى إن كان حبكَ موجودا ام لا ! هناك أمور عزيزي لا تُرى بالعين المجردة تركتني أنزف بجسد بلا قلب دونما رحمة و احتفظت به بثلاجة الموتى بحجة الغيرة فهل ألومني لأني فتحتُ صدري لرجل لا يتقن الحُب أم ألومكَ على جهلك؟؟ |
الساعة الآن 07:37 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.