منتديات أبعاد أدبية

منتديات أبعاد أدبية (https://www.ab33ad.com/vb/index.php)
-   أبعاد النثر الأدبي (https://www.ab33ad.com/vb/forumdisplay.php?f=5)
-   -   خيمتي الرمضانية بعض حنين وذكريات .. (https://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=13054)

عبدالله العامري 09-02-2008 01:51 AM

خيمتي الرمضانية بعض حنين وذكريات ..
 

1


في الصغر .. يكون الصيام هاجسا وأمنية.
كنت أتوجس خيفة من هذا الصيام !!
كيف أستطيع أن أمتنع عن الطعام من الصباح إلى المغرب .. ؟
خاصة أنني نحيل الجسم ، ضعيف البنية.
وكثيرا ما كنت أستغرب كيف يستطيع هؤلاء الصبر على هذا الجوع والعطش
.. والحر الشديد كل هذه الفترة ؟

في سن العاشرة ..
بدأت أمارس هذا الأمر ..
لكنني قبل أن أفعله قد هبته ، وأثرت حوله مشاغبات من الكثير من الأسئلة ...

هل من يصوم يموت من الجوع ؟
لماذا نصوم ؟
لمن نصوم ؟
لماذا من الصباح إلى المغرب ؟
لماذا لا نأكل المكرونة والشربة والمهلبية .. إلا في رمضان ؟ !!

ثم ما ألبث أن أبرر عجزي وضعفي من الصيام ..
فأعلنها صراحة لن أستطيع ..
ولا أريد أن أموت !!

كانت والدتي - حفظها الله - تصبرني على مصيبتي ..
ربما هي تحاول أن تدربني على الصيام على تحمل الجوع والعطش ..
قالت لي يوما : صم إلى أذان الظهر !!
ثم صم في اليوم التالي إلى العصر !!
وبعد أيام صم إلى المغرب !!
ثم لك أن تصوم يوما وتفطر يوما !!

فكرة رسخت في ذهن طفل العاشرة ...
سأصوم غدا إلى الظهر ..
فقد أصدرت أمي فتوى بجواز هذا الصيام ..
كنت وقتها أغيظ أخوتي وأخواتي الكبار ..
ظنا مني أنني أفضل منهم بكثير .. ذلك أن لدي تخفيضات صيامية ليست لهم !!

عندما أرى علامات العطش والجوع على ملامح أخوتي ..
أشعر أنهم يرسلون لي بعض رسائل غبطة مفادها [ حظك ] !!

جميل هو الصيام .. إلى الظهر ..
قمة المتعة أن تأكل لوحدك دون أخوتك الكبار الذين إن جلسوا على صحن قال من مر به ..
كان هنا أكل !!
جميل أن أمارس الأكل دون أن يضايقني أحد
أو يلهف لقمتي آخر ..
جميل أن آكل ما اشتهي دون أن تمتد له يد غير يدي ..
جميل أن أجلس أميرا على مائدة .. وملكا على سفرة !!

والأجمل من ذلك أنني أستطيع أن أتذوق كل الأطعمة المعدة للإفطار .. قبل أخوتي ..
وخاصة [ المهلبية ] كانت أروع وهي ساخنة ..


كنت في ذلك اليوم اشعر بالسعادة تغمرني ....
ذلك أنني استطعت أن أحقق انجازا بالصيام من الصباح إلى الظهر ..
ومعه استسهلت الصيام ، وزالت الهيبة والرهبة ...
خاصة أنني امتنعت عن الطعام .. ولم أمت !!
أكثر شيء كان يخيفني أن أموت !!

في المساء لم أترك أحدا من رفاقي إلا أخبرته " استطعت أن أصوم "
.. وأرسلت تقارير إخبارية عن هذا الصيام لكل من زارنا في البيت ..
كانت عبارة : [ أبشرك صمت اليوم إلى الظهر ] هي موجز النشرة ..
كنت ألقيها على كل زائر يطرق بابنا ..
قلتها لخالي ، ولعمي ، ولجارنا ، ولعمتي ، ولخالتي ..
كانت ردودهم متفقة إلى حد ما ...
لكن بها شيء من السخرية .


للحديث بقية ...

فيصل الحلبوص 09-02-2008 02:12 AM

ما أجمل الذكريات




أنتظر خيمتك الرمضانيه وما تجود به


على مائدة حنينك وذكرياتك الرمضانية



متابع لك




خالد صالح الحربي 09-02-2008 02:58 AM

:
خيمتُكَ أكثر من جميلة ~ أظُّن بأنّها لا تختلف عن خيمة طفولتي كثيراً .
لديك اسلوب قصصي و سردي جميل أهنئّك عليه كثيراً .
تقبّل الله منّا ومنك صالح الأعمال وَ الآمال .
http://www.qamat.net/vb/images/smilies/a36.gif

د. منال عبدالرحمن 09-02-2008 11:21 AM

جميلةٌ خيمتكَ الرّمضانيّة يا عبد الله , و ع امرةٌ بالذّكرياتِ الجميلة ,

أعادَ الله رمضانَ عليكَ بالخيرِ و البركة ,

متابعة .

فاتن حسين 09-02-2008 08:58 PM



عبدالله العامري

http://www.7rkt.at/uploader/uploads/e29c4e5baf.jpg


كنت
الاجمل ... والانقى... بحضورك الرائع

عبدالله العامري 09-03-2008 03:53 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فيصل الحلبوص الشمري (المشاركة 331630)
ما أجمل الذكريات




أنتظر خيمتك الرمضانيه وما تجود به


على مائدة حنينك وذكرياتك الرمضانية



متابع لك





الأستاذ القدير فيصل
كل عام وأنت بخير .. وتقبل الله من ومنك الصالح من الأعمال

الماضي نَفَسٌ يثير الآه في صدورنا !!
ألم تقل يوما [ آهــ ] وأنت تتذكر الماضي
هل هو جميل لهذا الحد .. ؟
أم أن حاضرنا أصبح أكثر سوءا !!

أشكر لك مرورك
ولك كل التقدير

نهله محمد 09-03-2008 04:14 AM

عبدالله...
ذلك الشريط الممتد من ذاكرة اليوم للأمس
يجمع مشاهد لامتناهية من الأشياء التي
لم نكن نستسغها غير أن بلوغ الزمن
فينا مبلغه علمنا مالم نكن نعلمه...
خيمتك تنثر الظل صدقاً..

عبدالله العامري 09-04-2008 02:16 AM



2

بعد أن ابتلت العروق ، وذهب الظمأ ، وثبت الأجر إن شاء الله ، بعد إفطار الظهر المشهور ، قضيت بقية اليوم أحوم حول الحمى ، أوشك أن أتذوق الشوربة ، أو المكرونة ، لكن لا شيء يغريني أبدا مثل المهلبية .

عندما تتهادى الشمس للمغيب ، يبدأ الصائمون من أهل القرية ، التوافد على بيوتهم ، وتنطلق روائح الأطعمة من كل بيوت القرية ، حالة استنفار في المطابخ من بعد الظهر إلى أذان المغرب ، كان للقيمات رائحة مختلفة تعمد إلى إثارة إنزيمات المعدة بالاستشعار عن بعد !!

يبدأ الجميع في إعداد السفرة الرمضانية ، التمر هو الوجبة الرئيسية في المائدة الأولى ، ومعه القهوة العربية الأصيلة ، وعصير التوت الأحمر ، الذي يغرينا بحمرته التي يحدثها على الألسن والشفاة ، فنشربه فقط كي نتضاحك على بعض من هذه الحمرة التي تثير الدهشة ، وهناك مشروب خاص ربما لا يعرفه البعض ، وهو [ المريسة ] والمريسة لمن لا يعرفها هي تمر منقوع في الماء ، يهرس هرسا ثم يصفى وبعد ذلك يعصر عليه الليمون ويقدم باردا ،، هو باختصار عصير تمر وليمون ، له نكهة خاصة محببة عند الجميع وخاصة كبار السن ... ولا يستلذ أحدهم بإفطار يخلو من [ مريسة ] ، وتفننوا فيما بعد في هذا الموروث فخلطوه باللبن تارة وخلطوه بالتوت تارة .. ومن الأصناف المغرية جدا لنا في السفرة الأولى من الإفطار [ اللقيمات ] فكثيرا ما جئت للسفرة طمعا في التهام كل ما لذ وطاب منها ، ولن ننسى الماء كعنصر ضروري وأساسي في السفرة الأولى ... إلا أنه وجد منافسة شرسة من المريسة !!

بشقاوة الأطفال كنت أقترب من السفرة شيئا فشيئا ، طمعا في [ اللقيمات ] ، ووالدي يرمقني بعين فيها حدة ، لكني لا أبالي أمام إغراء اللقيمات ... لكن والدي يعمد إلى تصريفي عن الهدف وشغلي عنه ، فيعمد إلى إصدار أمره لي بأن أترقب صوت المؤذن ، لأنه في ذلك الوقت لم تعرف مساجد قريتي بعد مكبرات الصوت ، ولم تعرف حتى الكهرباء !!

ويتم اختيار المؤذن بحسب قوة صوته حتى لو كان صوته من أنكر الأصوات ..
ولكي يصل صوته للجميع فإنه يصعد على عريش في المسجد ، ثم يؤذن بأعلى صوته واضعا يديه في أذنيه مع الالتفات ذات اليمين وذات الشمال !!

أصعد فوق سطح المنزل أترقب صوت الأذان ، فإذا بي أجد جميع أبناء القرية في سفوح الجبال أو على سطوح المنازل ، يبدو أنها تصريفة متفق عليها في هيئة الأمم القروية !!

يرد عليها الصغار بمكيدة عفوية طفولية .. إذ يقومون برفع الأذان قبل موعد الإفطار ظنا منهم أنهم يستطيعون إيهام أهلهم بأصواتهم الطفولية بأنها صوت المؤذن !!

من بعيد نشاهد المؤذن يشق الطريق باتجاه المسجد ، يحمل في يديه قدحا فيه تمر وآخر فيه المشروب الخمري الذي لا يستطيع أهل القرية التخلي عنه وهو المريسة .. وهو يشق الطريق يتبادر لذهني مجموعة من الأسئلة حول المؤذن وإفطاره ...
هل يؤذن أولا ثم يفطر ؟
أم يفطر أولا ثم يؤذن ؟
ولو قدم الإفطار على الأذان هل يكون آثما ويعتبر صيامه باطلا ؟
تتابع الأسئلة في مخيلتي .. ولا يقطعها إلا صوته وهو يرتفع بصوت الحق [ الله أكبر ، الله أكبر ]

نتسابق نبشر الأهل [ أذن ، أذن ، أذن ، أذن ] وما أن نصل إليهم إلا ونجدهم قد التهموا ما جادت به السفرة .. وخاصة [ اللقيمات ] فنتوعدهم أننا في الغد لن نترقب صوت المؤذن !!



يتبع


الساعة الآن 04:06 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.