![]() |
يا وَطَن :
قبلَ الرّحيلِ تمهّل ... هل تركتَ لي بعضاً من حلم , تقتاتُ عليهِ ملامحي , ريثما أراك ؟ هل أبقيتَ على شفاهي بعضَ ينابيعِ الشّوقِ , تمنحُ جفافَ الأزمنةِ ارتعاشةَ الارتواءِ قبلَ العَطَش ؟ يا وَطَن : قبلَ الرّحيلِ تمهّل .. ولا تأخذني معك ! |
أرسلَت لي صديقةٌ تقول : أنّي أرسمُ بعبثِ , فتتقاطعُ خطوطُ وجهي الّتي أرسمها , بتفاصيلِ الخريفِ الحزينِ , و انبلاجاتِ الضّوءِ في مآقي الأمّهاتِ الثّكلى , و اختلاطاتِ دفءِ بلادي مع رياحِ الشّمال .. قالت : إنّ لوحتي تصلحُ ان تكونَ قلباً مكلوماً , و ذاكرةً منسيّةً , و طفلاً يتيماً , يمارسُ لهوهُ مع اللّعب , و يداهُ تمسكُ رغيفاً يابساً . قالَت : أنّ الألوانَ أصبَحت متمازجةً فوقَ أصابعي , حتّى انبثقَ دمٌ من فمِ أوراقِ الشّجر , و انغمسَ وجهُ القمرِ في بحرٍ يعاني حمّى السّهر .. قالَت : أنّي يجبُ ان أرمي القلمَ جانباً و أغنّي . |
أيّها الواقفُ هناك , بعيداً حيثُ كنتُ يوماً أركضُ باتّجاهِ الأملِ الضّائعِ المجهول ,
أيّها المارُّ بأنثى عابرةٍِ في صمتِ الجليد, في احتضاراتِ اللقاءاتِ الأولى و في سَكناتِ الجسدِ الواقفِ على شفا موتٍ محتّم . أيّها الواقفُ بين حنجرتي و رئتي , ترقبُ صوتيَ المشدودَ بك , و تلامسُ شُعبي الهوائيةِ , كطفلةٍ حزينةٍ ضلّت طريقَها في يومٍ ماطرٍ , و استكانت إليك . أيّها المتشكّل على هيئةِ أحلامي جميعاً , المُشرقُ على وجهي كصراخِ الفجر , كقطراتِ الخجلِ على جبينِ الأزمنةِ العذراء , كشراعِ النّورِ في رحيلِ الأصيل .. هاكَ أنا , كشبحِ ورقةِ قصيدةٍ هاربة , كتبتها للرّحيل و منحتَها أغصانَ الزّيتون و أفواهَ العشب . يتبع .... |
لا زلتُ أحاولُ أن أُمسكَ يدي و أحاول أن أخطَّ شيئاً ما يُشبهُ صوتَك , فأجدني أرسمكَ في روحي , هناكَ حيثُ يقبعُ وطنٌ تائهٌ و طفلةٌ فقدّت ظلّها و حلمٌ يعاني الأرق ! لا زلتُ أحاولُ الرّحيلَ عندَ كلِّ بوّابةٍ ألمحُ منها عتمةً أوقنُ أنّها لن تؤدّيَّ إليك , فيفاجئني وجهكَ في داخلي ! أتراكَ تُدركُ أنّ الأصواتَ تتشابهُ فقط حينَ تقترفُ ظلّها و ترتدي الغيابَ و تقلّدَّ الأحلام , و أنّ صوتَكَ شيءٌ آخر يُشبهُ الظّلَ و الغيابَ و الاحلام !! شيءٌ ما يسحبني من قلبي نحوَ الموتِ رحيلاً , و لا أستطيعه !! |
كانَ طِفلُ جارتنا الصّغير يبكي كلّما ذهبَت أمّهُ عنه ,
و كانَ صراخهُ يملأُ الحيّ , و يرفضُ البقاءَ عند اخوته مهما كانَ نوعُ المغرياتِ الّتي يقدّمونها له , بعدَ فترةٍ أصبحَ لا يبكي عندما تذهبُ أمّه إلى مكانٍ ما , بل يجلسُ ينتظرها بوجومٍ على عتبةِ البيت , و بعد فترةٍ أخرى , صارَ ينشغلُ مع اخوتهِ باللّعبِ و محبّتهم بهِ و توددهم إليه , و بعد فترةٍ أخيرة , أصبحَ لا ينتبهُ لوجودُ أمّهِ من عدمه ... !! أتراكَ كنتَ أنتَ بكاءهُ و كنتُ أنا العودةَ المؤجّلة !! |
عَبَثْ : ليس هناكَ رحىً في أعماقِ البحرِ تمنحهُ طهارةَ الملح , ما البحرُ إلّا دموعُ شوقٍ بحجمِ ماءِ العالمِ بأكمله , تماماً كما ليسَ هُناكَ شيطانٌ صغيرٌ يوسوسُ للحبِّ بالغياب , فما الغيابُ إلّا لحظةَ انفصال كفِّ الطّفولةِ عن مشاعرنا . / أتؤمنُ الآنَ انّني أشتاقك و أحذّرُ غيابَكَ من قتلِ قلبي بجرعةٍ زائدةٍ من جرح ؟ / كلُّ حروبِ العالمِ في صدري ولا هدنةَ في الأفق , و يأتي صوتُكَ يكمّمُ أفواهَ اليُتمِ في قلبي و يبعثُ في رئتيَّ رائحةَ القرنفلِ و حبّاتِ الكرزِ و التين , فأرفعُ وحدي رايةَ الحبِّ البيضاء و أسلّمكَ صوتي الذّاوي كظلِّ شمعةِ الملجأِ الحزينة . / شيءٌ ما يتفتّحُ على أجنحتي , أتراهُ حُبُّكَ , أم أصابعُ يدكَ إذ تمنحني حريّةَ الأغصانِ و خُضرةَ الفرح و تعزفُ على كتفيَّ أنشودةَ العناقِ و الدّفء ؟ / أنا لا أجيدُ الكتابة , أحاولُ أن أجيدَ الكتابةَ إليكَ فقط ! / أيحدثُ أن تنبضَ الذّاكرةُ ؟ / في صندوقِ بريدي ريشةُ عصفور , أتراكَ كبّلتَ أجنحتَهُ بعدَ ان أهديتَهُ دمعةَ شوقٍ لوريدي ؟ / أحبّكَ كدمعةٍ حزينةٍ وحيدةٍ هاربةٍ من منديلِ الشّتاءِ العنيد المُكابر ! http://moroccan.salmiya.net/songs/saber/ram/saber3.ram |
هذا العيدُ لن يكونَ ملوّناً كالشّوقِ المزيّنِ بكَ و صوتيَ الموشّى بقصبِ اسمك , هذا العيدُ سيكونَ أبيضَ الصّباحاتِ و المساءات و سيكونُ قلبي هديّتهُ الحمراءَ الوحيدة . لن تحتضني يداك.. ستفعلُ بدلاً عنكَ مئاتُ دقائقِ الانتظارِ و الاختناق , سأردّدُ اسمكَ كثيراً بدلاً عن عباراتِ التّهنئة . |
كلَّ أنتِ و العامُ بخير , كلَّ خيرٍ و العيدُ أنتِ .. ثمَّ ماذا أفعلُ بالحلمِ الصّغيرِ في عينيَّ و أنتَ تُكابرُ وجعي و تدّعي أنَّ الرّبيعَ ثوبُ الحياةِ الابيض ! و أنَّ أغطيةَ الألمِ و أصواتَ اليأسِ تُشبهُ جذورَ النّخيلِ في عمق الرّمال و أنّ الفرحُ سيتساقطُ رطباً جنيّاً على أزمنتي المتهالكة تحتَ وجعِ الفقد ! : لا تقل شيئاً .. كلَّ يومٍ و أنتَ العيد , و هل عيدٌ سواك ! هكذا تناسبني أكثر . |
الساعة الآن 08:07 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.