![]() |
( 49 ) * العشاء الأخير * ستدفع الهواء من صدرها ،، ستصهل ،، أشياءك في حقيبة السفر دع جدلك حول المكتبة القديمة ،، أنهم لن يضعوا تمثالك بينهم إذا لم يأخذك الأرق ،، ولم تخطفك رائحة العود ستجمعين آهات الوداع ،، وتلقين على الموج أوراق الأدعية ،، ثم تخذلك أنوثة المساء ،، وتقترب عيناك من النوم ،، فتكفان عن مسح الرمال بالأشعة ،، وتحثان عقارب الساعة للعودة إلى الوراء لماذا الرحيل ،، إذا لم يكن غشاؤك من الجمال ،، مجلوبا لتوه من القاع مع الليمون وخمرة الفتنة ،، وكلمة فضية في الشغاف سكين ،، تجرح صندوق الهاتف ،، ترجع صدى النوارس العائدة لماذا ،، إذا لم يشدك الموج من قامتك ،، من اتكاءاتك على الرمل ،، من الطلع المطل على شفتيك،، من ابتسامتك ،، من الليل المدافع عن كتفيك ،، من الرنين المتأهب من فتحة ثوبك ،، من ألعاب الأطفال التي تمر بها ذاكرتك ،، إلى أول الزمان وآخر الدنيا لماذا الرحيل ،، وقد بلغت سن اليأس في البلوغ ،، يبقى يغمر الأطباق بالصمت ،، تصدأ طعنة في الكأس ،، تسقطين نارا بزهرة لم يرسلها أحد ،، وتنشط الأحلام ،، لتنظيف الذاكرة ،، من رائحة العشاء ،، وأطراف الجمل الثملة وحدها بزهوها ،، مع الجدل الذي لم ينشر والأشياء في حقيبة السفر كل ما في الأمر ،، إننا قد نمر على تمثال بالشاطئ ،، نتبادل النظر ،، دون أن يبدو على أحدنا ،، معرفة الآخر |
( 50 ) * الكهف * خرجوا ،، وبقيت وحيدا ،، سوف أقضي نهاري هنا ،، خلف بابي الموارب ،، أنتظر انبثاقك فجأة من رحم الأرض ،، سأعطر جسدي وكهفي بغير المسك والعنبر ،، سأفرش الرمل بأعشاب بحرية تليق بحورية الماء ،، وسيدعوك العطر إلى كهفي لن أخرج لليقظة ،، سأغتنم اليوم ابتسامتين ،، تركضان على جسدها الصغير سأعود نباتيا كما كان أسلافي ،، وأنام على عشبها ،، وأنعم بالدفء الوثير وأمام الباب سأشعل نارا هائلة ،، تمنح العالم بهجة ،، وتبعد الأسى تقف في صلابة تتلو التعاويذ ،، وفي اللحظة المناسبة تمتطي الحصان الأبيض أعلم أنك لو قبلت دعوتي ،، وزرت كهفي ،، ستدهشين كثيرا ،، من الرسوم والكلمات التي تزين الجدران ،، تقص على الزائرين كيف ولدت في رحم غوايتك وحين تظفرين شعرك في عناية ،، وتضعين فوقه القواقع ،، وتغادرين الكهف خوفا من فضيحة خيالك ،، ستزرع الرسوم جسم آهاتك من لحم الكلمات ،، وتتبع خطواتك ،، وينهار الكهف فوق رأسي مشهد الحطام قد يستبقيها إلى جواري ،، حين مس جسدها الأرض ،، سار كل شئ في الكون على ما يرام وأنبتت الأرض نوعا جديدا من الزهور ،، كنت أدنو بأنفي متحسسا رائحتها ،، كطفل ولد لتوه ،، أنقش عطرها على ظهر قلبي ،، هل أصاب بالعمى يوما ؟! ،، ما الذي جعلها تستلقي بفطرة ينعها ؟! ،، وكأنها لن تغرس أظافرها في حقلي ينام على العشب السلام ،، ممسكا بقبضتها ،، ووجهه إلى السماء ،، مغلقا عينيه على مشهد لن ينساه ،، بحيرة وحيدة يحفها الصبار ،، كانت تعرف أني سأصل مبكرا ،، قبل أن تخرج من كهفي همست : وافني حين تحاذيك الشمس لدى البحيرة ،، لأمنحك تذكارا وافيتك قبل الوقت بقدر شعرة ،، رأيتك تخرجين مبللة ،، والشمس تشرق نافذتين من جسدك ،، مشدودتين كالقوس ،، تهمان بالفرار ،، وكان الهلال يبرق ،، لا يشعله ضوء ولا تخفيه ظلمة أحسنت ،، الموعد كان مختارا بعناية ،، حيث لا شجر توت على الإطلاق ،، بلاد من الأجساد المتخثرة ،، وطفل يتيم ،، يسقط الآن زيف الفحولة ،، ليس سوى رجل وبقايا جسد ،، فيدخل إلى الذاكرة كخمرة معتقة ،، يبحث فيك عن نساء كثيرات ،، سامرهن في رسوم الكهف ،، وأحلام الرفاق ،، في أزمان مختلفة ،، العصر الحجري ،، شوارع أثينا ،، عصر النهضة ،، شرفة في ميناء مدريد ،، أو في مشهد خاطف بالتحلية لماذا لا نغني ابتهالات الوداع المرتبكة ،، يترقب سيدة تمد له رموزها ،، تقول أيها الطفل الذي ،، وضعته الرياح في التجربة ،، بين جبال القادمين من ألف ليلة وليلة ،، أنبت في الغابة المستهترة هذا الزغب ،، يترقب أصدقاء راحلون ،، ليرحموا عاره الجميل ،، حتى لحظة الكتابة أيا ساحرة العفة ،، اطلبي ما تشائين خذي كل ما يمتلك ،، كل أوراقه والكتب ،، وامنحيه لحظة من الموت النبيل الموسيقى تندلق في دمائه الفاترة ،، ويأبى أن ينتحب ،، تجر أذيال أمواجها وتهجره إلى الفراغ ،، فاستلقت على أعشابه ،، أنجبت مدينة من الحروف ثم استراح في فمها ،، وراح في سبات بليغ ،، هل تصلح الأنغام ما أفسدت الأشياء ؟! ،، في القلب ما يجرح الوقت ،، كان يحلم بالوطن والهجرة ،، كل انحناءة توقظ في الخلايا شهوة السفر ،، لماذا تخجل أمام اللحظة ،، وترفع عاليا راية القبيلة ،، على باب الذات ،، على نافذة النار ،، أعرف أن العالم في الخارج لا يعرفك ،، هذه هي الحياة حبيبتي بعدها استطعت أن أشعل القمر ،، وبادلت الليل في السر ،، قبلة وبكاء وجاءني الموج ،، قم ،، قاوم ،، اختر حياتك الصعبة وموتك البسيط كان صوتي قد مات قبل الفجر ،، وصمتها ودعه بنحيب ثكلى ،، ولحقت به في الصباح ،، وهكذا ،، أصبحت أركب الموج ،، وربما عدت كهفي ،، وحفلت أيامي بقراءة الليل والحقول ،، وكتابة الحوريات ،، حيث يظفرن شعورهن ،، ويتهيأن لي ،، عند المنابع والضفاف ،، رعيت قطعان السحب ،، وشددت الرحال إلى بلاد الحب ،، حتى أخذني البحر في النهاية تحللت من روابط الزمان والمكان ،، وزاوجت بين الوردة والنار ،، بين الحبيبة والوطن ،، وقدمت صمتا مستحيلا ،، أستحق عليه جزاء عقوقي ،، ولم يكن لي غير الحقيقة ألم ،، ولا إثم |
( 51 ) * تغريد الياسمين * من أين أبتدئ الكلام ،، والصمت كوم من تراب ،، قد تحدر في فمي وحدائق النيروز ،، شاخ ثمرها ،، وتساقط الورق والظلال ،، على حدود المنجل وتساكن الدوح الرابض في رئتي ،، هديل حمام ،، تأثم الورق الوريف ،، الزهر ،، فوق خد خجل ،، توارى واحتضن اللهب بسمة شاحبة ،، ورقدة مسمومة ،، على وسادة أغاني الفيروز كاتب ،، يا بؤس المصير ،، فارس نبيل ،، يحارب واقعه ،، حتى آخر قطرة ،، ويخسر الصراع ،، ويبيت يدمع على لحافة ،، حافة الانهيار ،، أجنحة مرتعشة من كثرة الخفقان ،، طن ،، يا طنان ،، وارشف من رحيقي ،، رشفة رشفة ،، حتى تفنى الزهرة قف ترجل ،، وانظر هناك ،، خلف الغيم ،، سندباد حزين ،، يشاكس الغيم ،، يغتسل بأمواج الحنين ،، يعتصر فؤادي ليفرغه عشقا ،، ولحظات أنين سندبادي الحزين ،، فداك النفس والروح ،، حولك ،، هناك تحلق الياسمينة ،، ترعاك دون بوح طائرك الصبور يضمك بحنان،، يرفعك بلمح البصر للجنان قف ترجل ،، وانظر هناك ،، فالشمس تغزل لك من ذهبها صولجان ،، والقمر ،، ينسج من خيوطه سريرا لترتاح قم ،، تدثر بوشاحها سيدة الأقمار ،، ربيبة النجوم ،، تنشق عطرها ،، ترياق السموم لا تحزن ،، ففي قلبها جعلتك أمير البحار ،، ومن حبها رسمت حولك ،، هالة تخطف الأبصار سندبادي الحزين ،، تسلق ألمك ،، وارتفع نغما للسماء ،، بعيدا هناك ،، حيث يلتقي النبلاء ،، حيث يخاصم الندم طيف الحكايات اغسل عينيك بحب الياسمينة الحلم ،، جفف حزنك بشعاع ابتسامتها ،، قف ،، ترجل ،، وانظر هناك ،، هناك خلف الأفق ترنو الطيور ،، تستعير من الفضاء معطفا يلفك ،، تغرد لك الياسمينة ،، سيمفونية العشق محمولا على الغيمات ،، مرصوفا بعرق الشوق والزنبق هناك خلف الأفق ،، بيت حنون ،، ترنيمة وله تدثرك بأنفاسها سندبادي الحزين ،، لا تخف السفر ،، اغمض عينيك ، اتبع قلبك ،، ترجل عن حصان الصمت ،، وسافر ،، ففي حنايا القلب ،، زرعتك الياسمينة الحسناء سنبلة عشق ،، وأطلقتك ،، أسراب حمام |
( 52 ) * إليها الرحيل * احزم هروبك ،، فالرحيل إلى نزيف الوقت ،، دندنة التواصل ،، فاستمر ،، مجابها للصوت ،، حاور ،، وحده الترحال ،، واهرب ،، لا مكان تريده يرجوك ،، فاخلع ،، من فؤادك قطعة اللحم التي ،، قد ورمتك ليل ،، وهجر ،، واشتياق ،، فاندفع ،، في صيد حتفك ،، واستغل ،، بكارة العشق ،، استعد ،، لخوض تجربة التفاني ،، قاصرات الليل ،، قربك ،، هي ،، وزيت الشمع وعطر الورد ينتظرن العهد فاخلع ،، في المدى أشرعتك ،، واقتل ،، فارسا للعشق ،، صاغ رموز هذا العصر يا سعد انتصارك ،، حين يعتصر المساء فخذ خلاصتك ،، استمد الفتح ،، فجرا للوجاهة فالرقاد على البسيطة ،، في مفاتن حسنها ،، يستدرج القلب الوليد ،، إلى مقارعة الثمالة ،، يستفيق بخمرة العشب وماءك |
( 53 ) سؤال : مملكة لها اتساع خيالي الجامح ،، وحكيم لم يقل لامرأته ما قال وحديث يحررني ،، من أسر الرؤى لا نبض بأوردتي الآن ،، الصمت ،، يغزو القلب ويوغل في الشريان ،، لا صوت الآن أتحسس قلبي ،، ينبئني الصمت الراكد ،، لا جدوى خمد البركان ،، كل مدائن قلبي ،، صارت أشلاء ،، كل شوارد أطيار الحزن ،، تسكن فيه ،، عبثا حاولت ،، لا حيا النبض بأوردتي ،، أو ،، أشعل أعماق البركان مارست السحر ،، رافقت الجان ،، قد يستهويه القربان لا جدوى ،، فالصمت يعربد ،، لا جدوى ،، الجناح خمد مرتعشا كان ،، منحدرا في رماد وندى ،، طار في الرمل ،، غناء ،، وسدى ،، وهواء جارح ،، فاستعلى ،، روض الغليان ،، فهاج الدم ،، ماج الصدر ،، وانفجر الكتمان خذيه الآن يا وريقات الشتاء ،، التوى التوت في التوت ،، وانهار ماء الورد في شجن البكاء هاأنذا ،، قلبي يئز في السفن ،، والسفن تنخر جذوع البحر ،، فاهدئي يا وجه القمر هونا على ساعدي ،، اهدئي ،، ربما من سماء الغبار ،، تظلل على حزننا غرسة أو وردة،، ربما صفصافة تغدو ضلوع الجسر أو تغدو عيون البرج ساقية الأمان اهدئي واغرقي في العميق العميق ،، وافتحي باب انتظار طيب أو فاركبي زمن المحال يا الله ،، بعضا من هديل في قلبي يئز ميدان ،، وفي صدري ينوح جسر الغمام موال وأنا والشجيرات القليلة ،، وأزيز الوقت ،، في عرف الزحام ،، كالمطر الخفيف |
|
( 55) * موجة تبتسم * على شاطئ الغرام ،، أطربيني بأعذب الأنغام ،، فصوتك الرقراق ،، باسم المشتاق ،، وقفت على الصخور ،، التي يغسل الماء أقدامها بزبد الاقحوان ذات الابتسامة العذبة ،، والجمال والرقة ،، فقالت الصخور ،، أيها الشريد المستهام ألا تراها بعين الخيال ،، وهي تغني على موسيقى الأمواج ،، والأسماك تردد غناءها ،، وطيور النورس بأجنحتها ،، ترش المياه على وجهها ،، والنسيم العليل يتراقص شعرها ،، والأنوار تسطع من لؤلؤ أسنانها ،، والعبير الخلاب يتطاير من أردانها ،، والزبد يزرع الياسمين من حولها ،، مهما تتابعت السنون فلن يذوي في فؤادي جمالها أسألك ،، يا وجعا وثنيا ،، يسير على قدمين ،، ويا أيها الفرح الموسمي ،، أسألك ،، يا سرجها المارق المتمزق ،، لا طمعا في انتصار عليك ،، ولا أملا في تقطير أحزانك المستحيلة أسألك ،، يا أيها القروي الرهيف ،، إلى أن يقر بجسمي القلق ،، ماذا لو أنك أسميتها غير أمل ،، وأسكنت قلبك بلادا سواها أسألك ،، كان يغني لفتاة ،، أعدت له مغزلا ،، فمن تراه الصبي أسألك ،، حتى تسيل مدامعنا ويطول البكاء ،، أنتمي لمواجع قلبك ،، أو تنتمي لي وتولد في مقبرة تمشي على قدميها ،، وتسحب في ذيلها قرويا شفيفا ،، وفي رأسها صخب ذا عينين وادعتين ،، وبسمة طفلة رقيقة غادره الأهل ،، هان عليه الناس ،، أخذوا روحه دون أن تتنفس في جسمهم قطرة دم ،، أسألك ،، حتى أجنب نفسي البكاء ،، وحتى تبوح بسرك لي ،، فالأسئلة أيها النبل أجلّ عطايا السماء لنا ،، حين يمطرنا العمر عشقا خفيا ،، وحزنا خفي |
( 56 ) * وتزداد مدّا !! * أباغت أسراب الهم توابيت غيمي ،، أتوغل في صدى الذاكرة ،، أريج فراشات ليلى ،، اللواتي يطرزن حلمي ،، جمال أماني اكتحلت بدمي مرايا طفولتي ،، ينابيع خمري ،، وميض انتعاشي ،، شحوب ذبولي ،، تراتيل عمري ،، شموس أفولي ،، مفاتيح بابي ،، جليد اغترابي ،، رضاب أغاني عذبة شكلتني ،، هنا أغرقتني ،، وصرخـَت ،، هنا روتني ،، وغفت مددت الرؤى شموسا تفتق أهداب ليلي ،، تفجر عليّ صلاة لعلـّي ،، ألملم أطياف حلم تبدى يضيق مداي ويمتد ظلي ،، أشكلني زمهريرا وقيظا ،، رياحا وبرقا ،، سيولا ورعدا ،، أسابق خيل انهزامي ،، أفض هضاب التلاشي يزيد انكماشي ،، وتزداد مدّا أسافر فيّ ،، أتوه ،، أغيب ،، يغيب غيابي ويرتد ظلي جحيما وبردا أعود إليّ ،، وفي راحتي انكسار شبابي ،، حطام اغترابي ،، وبعض سرابي ودمع تحجر في مقلتي ،، وأشباح تبكي مرثيتي |
الساعة الآن 02:52 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.