![]() |
غير أن الإنسان لم يعد أكثر سعادة ولم يصبح العالم الجديد أفضل ولا حتى اكثر عدلا، فعندما كان الظلم يختفى مرة كان يعشش فى مكانه ظلم من نوع آخر.. لقد أصبح الإنسان أكثر حرية إلا أن حريته لم تحرره.. لقد امتلك الإنسان أكثر مما كان يمتلك من قبل ولكنه كان يمتلك نفسه قبل كل شىء، كان يقف ضد نفسه شخصيا ولم يعرف كيف يتوائم معها. فريدريش دورنيمات - صورة كوكب مودتي |
ومع كل شمس ليوم جديد كان يزداد عدد المنشدين.. ينشدون نفس النشيد.. نشيد الحق وأغنية اليقين.. زجوا بهم فى السجون، فتصاعدت أصواتهم من وراء الأسوار، تنشد النشيد.. ألقوا بهم فى البحور، فتعالت أصواتهم من الأعماق، تنشد النشيد.. أحرقوهم فى النار، فاحتدمت أصواتهم كألسنة اللهب، تنشد النشيد.. وفى كل مرة كان يُسمع فيها صوت النشيد، كانت تصيب الصاعقة قلب الأساطين فيخرسون ولا يعودون ينطقون.. وانتقل النشيد من لسان إلى لسان حتى صارت كل البلاد صوتا واحدا عذبا وقويا. محمد سلماوى - نشيد الحق مودتي |
إذا انقضى النهار وتوقفت العصافير عن لغوها وانهدت الريح المتعبة، فأسدل فوقى قناع الظلام مثلما سربلت الأرض بسجوف النجوم، وأطبقت فى رأفة وحنان، أفواف زهرة اللوتس الوانية فى غسق الليل. أبعد الخزى والفقر عن المسافر الذى فقد مزوده قبل أن يتم رحلته، عن المسافر الذى تهلهلت ثيابه وتعفرت، عن المسافر الذى تخاذلت قواه، وحدد حياته كالزهرة حين يشتملها ليلك اللطيف الرقيق. رابندرانات طاغور - جيتنجالى مودتي |
لم تنم المدينة فى تلك الليلة.. كل فرد فيها بات يفحص ذكرياته ويستعيد حادثة أو عدة حوادث، وقد يقوم إلى النافذة فيلقى نظرة على البحر. وارتفع القمر الوليد على الأفق الغربى بعد غياب الشمس وابتسم للمدينة ساعتين أو أكثر ثم هبط.. وظل الناس ساهرين. كل منهم كان يريد أن يخرج إلى الشارع بعد مشرق الشمس مباشرة ليرى ماذا عسى أن يكون شكل هذا النهار.. هل سيكون يوما كبقية الأيام ترتفع شمسه على الأفق فى سكون طبيعى بلا جلبة ولا ضوضاء أم أن له طريقة أخرى؟ مما لا شك فيه أن الكواكب ستؤدى عملها بطريقتها التى لا تتغير.. لكن الناس هم الذين تغيروا. محمد عبد الحليم عبد الله - سنوات عشناها مودتي |
آه من البطء! أول أعدائنا; ذاك الذى كان يغلّف جلودنا المقرّحة فلا يلتئم الجرح الفاغر إلا بعد وقت طويل; ذلك البطء الذى كان يجعل قلوبنا خافقة على الإيقاع العذب للموت القليل، كأن علينا أن ننطفئ كشمعة مضاءة بعيدا منا وتذوب بعذوبة الرَغَد.. غالبا ما كنت أتخيل تلك الشمعة المصنوعة لا من شمع، بل من مادة مجهولة توهم بالشعلة الخالدة، ستارة رمزية على بقائنا.. وكنت أتخيل أيضا ساعة رمل عملاقة، كل حبة رمل فيها هى برغلة فى جلدنا، قطرة من دمنا، جرعة صغيرة من الأوكسيجين نفقدها كلما انحدر الوقت نحو الغور الذى نقيم فيه. الطاهر بن جلون - تلك العتمة الباهرة مودتي |
للحب طوفان رهيب.. تستطيع الأيام أن توقفه، تصير سدا يمنع الانفجار.. ولكنه فى لحظة ما ينهار ويتدفق الماء ليروى كل العطش.. وفى داخلى كانت العروق.. والفروع.. والمساحات عطشى! تموت التساؤلات حين ينفج طوفان الصمت.. وينهمر العشق ليروى كل الأعشاب الميتة.. رغم الأميال التى أحسستها تفصلنى عنه.. لا بل تفصله عنى.. فهو لا يزال داخل روحى.. رقد صامتا.. بيدى أهدهد صورته لتهدأ وتصبر.. وكنت أصبّر نفسى بانتظار عودة الروح إلى الجسد. ليلى العثمان - وللحب صوت مودتي |
وها أنا الآن أخرج من تخوم مملكتى، لأدخل دائرة العادة والروتين.. أكابد الحياة داخل مدينة لا تقيم أعيادا للماء والنجوم والقمر والزنابق وزهور أشجار اللوز والمشمش والليمون والبرتقال.. وأمشى وسط عالم انطفأت فيه الأنوار التى كانت تشع من الماء والحجارة، واختفت منه الأناشيد التى كانت تعزفها الغابات والحقول والنوافير.. عالم استعاد شكله الكربونى، واستأنف زمانه، دورته الروتينية المكررة، واختفى منه ذلك العطر الذى على إيقاعه يخفق القلب إبراهيم الفقيه - نفق تضيئه امرأة واحدة |
الحلم بما أنه من طبع الإنسان.. فهو يعرف كيف يموت من أجل أن يكتمل.. حلمه بأيد أخرى.. ونشيده على شفاه أخرى.. مسيرته على دروب أخرى.. حبه نفسه بين ذراعين آخرين.. لعل آخرين يقطفون ما بذر.. وحده يعيش من أجل الغد لويس أراغون - مجنون إلسـا مودتي |
الساعة الآن 11:14 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.