منتديات أبعاد أدبية

منتديات أبعاد أدبية (https://www.ab33ad.com/vb/index.php)
-   أبعاد الهدوء (https://www.ab33ad.com/vb/forumdisplay.php?f=4)
-   -   رُوح/ رَوْح (https://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=28155)

بثينة محمد 02-04-2012 04:46 AM

يقظة
 
لا أعرف بما أشعر! كالماء ينساب في أذني، جدولا يخِرُّ صوته في رأسي و مصَبُّهُ أُذُناي. و أنا كَمَن استيقظ من قبر لم يدرك حتى وصوله إليه. أتلفتُّ بهدوء عجيب لا أعرف كنهه و لا أتكلَّفُ عناء اكتشاف المقبرة التي استعدتُ وعيي فيها؛ و هل استعدتهُ حقا؟ لا أعلم!

يختلط الحلم بالحقيقة إذا ما استيقظت من نومٍ مُنْهِكٍ أكثر من الاستيقاظ.. كأني شهقت فجأة بعد غرق عميق و شعري الذي قصصته عاما كاملا عاد فجأة ليخنقني و يغرقني.. لا أعلم!


النومُ، الكوابيس، الشقيقة المزمنة، انحلال الحاجز الهلامي بين الوهم و الواقع في أوقات مُظَلِمة و بالرغم من ذلك أجدني هادئة بشكل ملفت، كل هذا اعتدته منذ زمن! تعايشت معه كما فعلت مع أول الصفعات و مع الكيس المرعب القاسي في ألمه الذي احتفظت به في أحشائي و حين لفظته شعرت بوحشة كأني خسرت وليدي.. تعايشت معها كلها، مع الصور المخيفة التي أراها متى ما أغمضت عينيَّ محاولة أن أسترخي و تهاجمني كـ الرؤى! ولا أؤمن برؤى في اليقظة، يكفيني ما أرى حين أستسلم لطغوة النوم المجهول الذي يحملني إلى ما لا أعلمه. و ما زلت كـمن فقد شعره في مقبرة صغيرة لكنها في بقعة لا يعرف عنها شيئا من العالم. أحلم دائما بأني أضيع طريقي و أقف وسط شارعٍ مملوء بالمركبات الشرسة و أطبق على أذني بيديَّ لأن أصوات مزاميرها يهزُّ أرجائي و لا أعرف.. لا أعرف في تلك اللحظة التي - بشكل غريب كما هدوئي - لا تصطدم بي أي مركبة شريرة؛ بما أشعر!

و لكني عشتُ مع كل هذه التساؤلات، عشتُ معها جيدا كَمن يربي طفلا ليس طفله و يحاول احتساب الأجر و تحمل المشقة بصمت. هذا الصمت - لا يحيِّرني قدر ما يلفتني و يجعلني أتوقف و أنظر - أعرف جيدا أنني لست من هواة الصمت بل تشكيل الكلمات و عشقها و الارتواء بها و الاستكنان إليها و نبش تفاصيلها كما ينبش ذاك الميّتُ الخائف - الذي لم يدرك موته بعد - قبرا ليختبئ به و على قدر تعجبه مما يفعل فهو لا يعرف شيئا سوى تلك الرغبة المجنونة في الاختباء في قبر وحيد نُهِشَ معظمه بفعل فاعل.

و أذكر كلام أمي كما يتردد في ذهني صوت كل من كان في طفولة فقدت معطفها دون مطر، دون ضباب، دون لصوص حقيقيين. اعتادت أن تقول أن صحتي ضعيفة، أن ذهني كبير و لم أعرف ما تقصد بهذا لكنني تقبلته و تعايشت معه. و اعتاد الجميع أن يخشى عيناي و لم أعلم أيضا لمَ.. لكنني لم أكترث! دفنتُ نفسي في كتاب و حلم تكاثر و تطور حتى أصبح شيئا في جوفي لا أعرفه. و فجأة أشهق من كل هذا الغرق و الظلام لأجدني في ظلام آخر مختلف؛ ظلام أملك عينين مؤهلتين للنظر من خلاله. و يلمُّ بي سكون عجيب كأني أصبحت أنا الأخرى: معتمة. و أوقد هذا السكون فانوسا و أحترق شيئا فشيئا؛ زيتا لنفسي. لا أعلم! أنا لا أعلم بما أشعر.

أعلمُ أنَّ شكلي الآن يخيف البعض غير أنني لستُ مرتاعة، بعض الصداع ينتابني و شيء يشبه الذهول. و أعلمُ أني في كل صفعة أو بطشٍ عبرته بجسدي الصغير و أحلامي المتكاثرة ما فقدت أبدا سخريتي التي أستعملها لدائي أساسا و لمن يظنني " سخرية ". ما عدا حين فقدت صديقتي في زمن عرفته متأخرا. ما عرفت حينها كيف أسخر، كيف أضحك، كيف أكون أنا و أين فقدتني أنا. و لم أهتم.. عشتُ أيضا. قناعتي أن هذا العالم الغريب الدائر كإعصار ما - يحيط بي ولا يحملني - لا يوقف نفسه لذاتي أو لأي كم من الدموع أبذله في سبيل أن يقف و يجيبني على فكرة تفسخت عن سؤال ضرير أضر براحتي و ما أضرّ فكري.



أفقد ألواني، أقص شعري في لعبة عقلية لإفراغ غضب أخشى أن يتكلَّس و يجعل قلبي متخشبا. أحاول جرد الأصوات المنسكبة في أذني و تطهير الجروح التي تصيبها جرَّاء الضوضاء و الارهاب. ألعابي العقلية تحميني من الجنون الواقف على مقربة كظِلِّي، و تمد يد عون للسيطرة على أي وحش غاضب قد يولد في داخلي. أتخلص من أكثر السموم بهذه الألعاب، أخبرني أشياء و أقنع نفسي بها و أدع الحقيقة في زاوية معينة حتى لا أفقد توازني. أمارس تمثيليَّة - لأغراض نبيلة - أمام نفسي. و في النهاية أخرج بأقنعة عديدة يلفظها وجهي و جسدي كل حين و يستمر بالتطهير و الاغتسال من تبعات عمليات التنفس المُجْهِدة..


و ما زلتُ أتعايش مع هذا. أفزع من نومي و لا أذكر ما الذي حدث. الفيروسات في نومي تقوم بتطوير جيل جديد، تمنعني من تذكر ما رأيت - ربما أصاب بالجنون أو لئلا أحمله معي في حقيبة - و تُبْقي صدمة الفزع على وجهي - هذا هو ما يخافه الآخرون لدى رؤيتي - و تسمح للأزرق بالانتشار في عيناي ببطء.. كما يقتلني هذا النوم ببطء..

و كما يجرِّدني هذا التعايش من طفولتي - التي ما فتئت أبحث عنها و عن بناء مخابئ لها - ببطء.. ببطء

كـالغرق في شَّعر أسود طويل، و ماء!




بثينة محمد
الاثنين، 30 يناير 2012

بثينة محمد 02-27-2012 07:08 PM

أشعر بالحنين اليوم.. يدغدغني بشكل لطيف
فليرحم الله من أحب و يحفظ لي هذا الحنين المريح دون ألم.
إذا فقدت من تحب فكن قريبا ممن هو قريب منهم، هذا أدعى للاستمرار في ذكرهم و تخفيف غيابهم. ♥

بثينة محمد 02-27-2012 07:11 PM

قنوت النوازل
 
http://www.alifta.net/Fatawa/fatawac...&MarkIndex=0&0

بثينة محمد 02-27-2012 07:14 PM

إذا تأخر عليّ أمر أريده، أو فرج لأمر يهمني.. قلت لنفسي: لا يتأخر إلا الأفضل..

بثينة محمد 02-27-2012 07:17 PM

الوجع ليس ضعفا، ليس عيبا، و ليس مثارا للخجل.
الوجع؛ قوة! حكمة، و إنسانية.

بثينة محمد 02-27-2012 07:18 PM

الظالم أكثر الناس ضعفا. لأن الخطأ أسهل بكثير من الصواب، و لأن نتائج الظلم في معظمها مساوئ، و لأن الظالم يملأ مساحاته بالأسود و سكانه هم الشياطين بأنواعهم و سلالاتهم.

بثينة محمد 02-27-2012 07:19 PM

اليتيم مخلوق أُخِذَ منه لِيُعْطَى إليه. هو الفائز بخسارته و هو المحب بطبعه و هو المُخْلِص دون مقابل، و ذو حساسية بما حوله لا يملكها إلا " الفاقدون ".

بثينة محمد 02-27-2012 07:21 PM

الحصول على أصدقاء حقيقين هو أشبه بالحصول على عائلة مجانية في علبة جميلة تضعها على رف مكتبتك و تتأملها كلما صارت وحدتك مصراعا للشجن..
و كلما كان أصدقائك على علم بأسرار نفسك عرفوا كيف يتفاعلون معك فتناقصت غربتك، و كلما جهلوك؛ ضروك بقصد الإحسان و اضطررت لخسران شيء نبيل.


الساعة الآن 08:01 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.