منتديات أبعاد أدبية

منتديات أبعاد أدبية (https://www.ab33ad.com/vb/index.php)
-   أبعاد الهدوء (https://www.ab33ad.com/vb/forumdisplay.php?f=4)
-   -   رسائل لن تصل .. ! (https://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=9056)

د. منال عبدالرحمن 09-16-2008 03:27 PM

رسالة إلى الحبّ .. !


أتذكرُ حينَ أتيتني محمّلاً بورودكَ الكثيرة ؟ كنتَ تُخفي عنّي جُرحكَ لأنّك كنتَ تعلمُ أنَّ كلَّ ما سبقكَ إلى روحي قد جرحني , الصّداقة و الطّفولة و الأخوّة , و حتّى الوطن ..

لذا كنتَ تتعمّدُ أن تظهرَ أمامي بمظهرِ القادرِ على تحمّل الصّدمات , كنتَ قويّاً - أمامي - بالدّرجةِ الكافية لتقنعني بأنَّ القلبَ لا زالَ ينبضُ رغمَ دمهِ المتضاءل !

لا أعلمُ لمَ شعرتُ يومها بأنّ ذاكَ المتورّد على وجنتيكَ كانَ ندبةً لجرحٍ ليسَ بقديم ,
كلُّ محاولاتِ الفرحِ و الخجلِ لاغلاقه , كانَت توحي لي بأنّهُ نتاجَ جراحٍ كثيرة لا زلتَ تحاولُ رتقها مع كلِّ قلب !

المهمُّ بعدَ ذلكَ أنّي صدّقتك ,و فتحتُ قلبي لكَ و أودعتكَ ما بقيَ من دمهِ و أوكسجين رئته , و أنّني منذُ ذلكَ اليوم لم أرى قلبي إلا متورّداً بينَ يديك , سعيداً حتّى حينَ يتغلّبُ الفراقُ عليكَ في جولةٍ من جولاتِ الخيبةِ الكثيرة ..

كنتُ أعلمُ أنّكَ كذلكَ دائماً , تهبُ النّاسَ الفرحَ و يضنّونَ عليكَ بهِ , يَنعتوكَ بالحزنِ و الوجع و أنتَ صدرُ أمِّهما الحنون الّتي تربّتُ عليهما كلّما ارتكبا ذنباً و عادا باكيين !

و كنتُ اعلمُ أنَّ و جعي و ذاكرتي سيفعلانِ الشّيءَ ذاتَهُ , قد يمسّانِ جرحكَ و قد يعاودانَ فتحهُ من جديد , ثمَّ سيعودانِ إليكَ بذاتِ اللهفةِ و البكاء , لتمسحَ رأسي و أثقُ أنّكَ لم تبرح قلبي مُذ عانقتَ أوّل نبضهِ .. !

د. منال عبدالرحمن 11-07-2008 08:08 PM

رِسالة إلى " مُخلص " صَديقِ الطّفولةِ القديم ,
المغروسِ يعمقٍ في جذورِ الاشجار , الغارقِ في نُسغِ الأزهار , المُتكامل مع انطباعاتِ القمرِ على وجهِ نهرِ مدينتنا العتيق الرّاكدِ ليلاً تهجّداً و ايماناً بأنَّ الله في كلِّ مكان , و أنَّ الوفاءَ في مكانِ الكلّ :

قربَ منزلنا حديقةٌ تُشبهُ تلكَ الّتي كنتَ تلمُّ أغصانَ أشجارها الّتي كسرها الصّبيةُ الآخرونَ , ثمَّ تمزِّقُ قميصكَ الأبيضَ و تلفّها بقطعهِ الغارقةِ برائحةِ طفولتكَ و ابتسامتكَ , و تُقنعني بنظرةٍ رجوليّة أنّها ستخضرُّ من جديد .
كنتُ أصدقّكَ حتّى حينَ نُفاجئُ بها بعد أيّامٍ عدّةٍ ملقاةً على الأرضِ مع قطعِ قميصكَ الممزّق فتقولُ لي , أنَّها أغصانُ اخرى و أنَّ اغصانكَ تعافت و أثمرت !

كنتُ أصدِّقكَ بدمعةٍ , و كنتَ تدمعُ لي بصدقٍ .

في الحديقةِ قرب منزلنا شجرةٌ , غُصنها مكسور و على جُذعها نقشَ طفلانِ صغيرانِ عبارةً كعبارتنا , و تعاهدا على الوفاءِ عهدَ طفولةٍ لا يُشبهُ الأغصانَ و قميصكَ الأبيض !

في الحديقةِ قربَ منزلنا , كنتُ أعدُّ على أغصانِ الشّجرةِ عمرَ السِّنينِ القادرةِ على الغياب , عُمرَ الأشياءِ الّتي تخذلنا و عددَ الأطفالِ الباكينَ في ليلةِ أوّلِّ الشِّتاءِ من كلِّ عام !

في الحديقةِ قرب منزلنا , قرأتُ على ثغرِ عصفورٍ , كيفَ يكونُ الحزنُ أقسى و أكبرَ منّا , وكيفَ تتحوّلُ ريشاتُ الحُلمِ فجأةً إلى ضباب , و كيفَ يُغلقُ بابُ القفصِ على أجنحتنا و يُهدي نومنا للعدم !

في الحديقةِ قرب منزلنا , تذكّرتُ قميصكَ الأبيض و أغصانكَ التي تُعاودُ الالتئام , و ثِمارَ كذبتكَ النّاضجة , و عهدنا الموؤد !


الساعة الآن 03:12 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.