![]() |
هم يسدلون الستائر على الكوى ليدرأوا شموسهم.. وأنتِ ترفعين أستارى، وتبدعين من كل كوة أفقاَ، فألاقيكِ: شمسى. نبيل سليمان - فى غيابها مودتي |
ما أصعب ميلاد الخيال فى قصة تعيش. فلفحة الألم تعتمل فى صدر الكاتب تسعة أشهر، تسعة أعوام، العمر كله، حتى تعصف به آلام المخاض فيلدها قصة، إذا تنفست هواء أرضنا عاشت، وأما إذا هبطت علينا من كوكب آخر لا يتنفسون فيه هواء كوكبنا اختنقت وولدت ميتة. وأصعب منه ميلاد الحقيقة فى قصة ملتفحة بالخيال يقيها لسع البرد. مثل وميض البرق، لا تستطيع أن تحضنه فى صدرك شهراً، ولا تستطيع أن تحضنه لحظة.. إما أن يمزق حجب الظلام أمامك فترى ما هو أمامك وتهتف: إنى أرى ما هو أمامى.. وإما أن يمزق أحشاء صدرك تمزيقاً، فلا تعود ترى ما هو امامك، وتتأوه. إميل حبيبى - سداسية الأيام الستة مودتي |
الآن فقط عرف سبب تفوقهم على قرناء البصر الذين يعتقد الناس أنهم يبصرون.. الآن، بعد أن جرب ضياء المملكة الخفية وتحمم بسلسبيل النبوءة، وتلبّس الخفاء فى وطن الحقيقة.. الآن فحسب أكبر فيهم عشقهم للظل، وتعلقهم بالعماء، واستهانتهم برؤيا العين، لأنهم لم يروا فيها أكثر مما يجب أن يرى بحدقة العين، لم يروا فيها أبعد من المدى المكشوف على الفراغ، المدى المنتهك، المدنّس، المقلوب، الذى انتزعت منه اللؤلؤة، وسُرق من بين يديه الكنز، وأُخفى بعيداً. إبراهيم الكونى - عشب الليل مودتي |
ولكن لِم تتعلق هى بهذا الشعاع الكاذب، والقبس البراق؟ لم لا تغمض عينيها فلا تعود تحس بألم الخدعة، ومضاضة الوهم؟ إنها تحاول، ولكن لا تستطيع.. أى تائه فى الحلكات يستطيع أن يغمض عينيه عن بارقة تلوح، مهما كانت كاذبة؟ أى صادٍ يمكنه أن يعرض عن سراب يلمع مهما يكن كاذباَ خداعاَ؟ إن النفس الحزينة لتتوق إلى العزاء، حتى ولو كان نفاقاَ فى نفاق. وهكذا كانت تقبل فى كل مرة على البارقة الكاذبة والسراب الخادع والعزاء الملىء بالمرارة والسخرية. فى كل مرة كانت تصيبها نفس المتعة ونفس النشوة.. وفى كل مرة أيضاَ كانت تعقبها نفس الصدمة ونفس اللوعة. يوسف السباعى - أغنيات مودتي |
أيها المخبول الذى يحاول أن يحمل نفسه على كتفيه، أيها المتسول الذى يقدم ليستجدى من باب بيته نفسه. ضع أعباءك بين يدى من يستطيع أن يحمل كل شىء، وإياك أن تلقى بنظرة حسيرة إلى خلف. إن اشتهاءك يطفئ شعلة المصباح إمّا لامستها أنفاسه، إنه مدنّس، فلا تقبل أى عطاء تعرضه يداه الملوثتان، وارض بما يقدمه إليك الحب المقدس فحسب. رابندرانات طاغور - جيتنجالى مودتي |
ينحدر من تلال أفريقيا البعيدة، مهيباً كملك، لا يأبه بالغابات الكثيفة، ولا بحرقة الصحراء الممتدة، يخترق جلاميد الصخور البالغة الصلادة، ويواجه ستة من الشلالات العنيدة، يملأ الغابات الصامتة بالصخب والهدير، يفور بالزبد، وينثر الرذاذ ويخلق أقواس قزح لا تتبدد، يجتاز أشجار السنط والأبنوس والصفصاف والجميز، ويمضى متفرداَ مثل شاعر حزين وسط مجاهل الصحراء، لا تجود عليه السماء بقطرات من المطر، ولا تذوب الثلوج من اجل إنعاشه، لا يحيط به إلا جلاميد حجرية داكنة تشاركه أسرار الأبدية، ويحرص النهر بدوره على ألا يمحو ما عليها من نقوش وجعارين وخراطيش، يندفع وهو متقلب المزاج، حاملاَ طمى الخلق الاول، فيه شىء من رعونة النيل الأزرق، وبعض من حكمة النيل الأبيض، يعلو ويهبط، ويتفرق ويتبدد أحيانا ليضيع فى مسارب المستنقعات، ثم يجمع شريانه الرئيسى المتوحد، لا يهدأ ولا يأخذ سمة الوقار والعبوس إلا عندما يلمح رؤوس النخيل فى جنوبى وادى مصر، أقدم نخيل عرفه بشر، يقف مزهواَ على صفاف النهر منذ آماد بعيدة، غرسه الفراعنة وشذبه الأقباط وأكل من بلحه جنود الرومان وعرف الفاتحون العرب أسرار فسائله فنشروها. محمد المنسى قنديل - يوم غائم فى البر الغربى مودتي |
أصعب ما يواجه الإنسان فى وجوده المحدود، المؤطر بقدر، رؤيته اهتزاز كل ما نشأ عليه، هكذا تسرى الغربة، تكتمل الفجوة بين المرء وما يحيطه، ما يتحرك فيه، ما يتنفسه من هواء، ما يطالعه من وجوه تغيب عنه ملامحها مع أنه ظل يطالعها عمره كله، ما يصله بالآخرين يهن، يضعف، حتى يصل إلى لحظة بعينها يتمنى عندها المفارقة، بل ويسعى إلى اكتمالها.. فبتغير الأماكن، وزوال المعالم، وافتقاد الصحبة، وضياع العلامات، وتداخل الإشارات، يصبح ما يدل على الغرب جواز مرور إلى الشرق، وما جاء متماسكاَ يستمر مجزأ، غير قادر على التواصل، إنه اغتراب الغربة ذاتها. جمال الغيطانى - سفر البنيان مودتي |
بين شطىّ الماضى والمستقبل يجرى نهر الحياة ثملاَ بعقيقه الفخم، ليصب فى بحر الأبدية حيث لا جديد ولا قديم، وخيالات البشر تتهادى بين جماجم الموت وأغراس الحياة مخفية طى ضلوعها كثيراَ من الآمال وكثيراَ من الكلوم. فإلى بحر الأبدية، أيها العام الراحل! وأنت أيها العام الجديد، إلينا! مي زيادة - ظلمات وأشعة مودتي |
الساعة الآن 02:13 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.