![]() |
من آخر ضريح إلى ريح الجنة ،، الكون كبير لدرجة بأنه سيخبرك بأنك قادر على الاحتفاء بأي شئ والاختفاء من أي شئ ،، من القمر وتقلباته ومن السهر وتبعاته ،، فتظن بأنك بعيد كما لم يكتفي هارب ،، هناك حيث كل شئ دافئ بما لا يمكن وصفه ،، توق إلى موجة بلا ملح وارتياح بالحنين ،، وصمت لا يشعر بأنه فريسة للمجهول ،، ومن يدري فلعل الأفكار هي مهمة الهم كله ،، تتجمع في قاع بحيرة النفس الحائرة تروم سلاما تلوذ به قبل الموت ،، فأجمعت على أن ترسم المهد شاهدا في وجه ضريح وليكن ما يكون ،، كأن تسند رأسك إلى فخذ للشوق أمين دون أن تلامسه ،، وكعود ثقاب يلسع تنتفض بغي الحكايات ،، يتملكك إحساس قد يوردك مهالك القنوط ،، وتجدك لأول مرة تلقي نظرة عميقة شاملة متأثرا بالغرق في خط الحياة من البداية إلى النهاية ،، وقد فات الميلاد فلم يبق إلا الموت ،، ستموت وينتهي كل شئ كأن لم يكن ،، ففيم تحمل هذا العناء ؟! ،، فيم يكابد هذا الموج ؟! ،، وتزدحم مواويل خليقة بأن تفقد الحياة من غيرها كل قيمة ،، تهزم الخواطر والتصورات التي تعترض طريق الريح المتحررة من ربقة فجر قريب يشد عزمه ويكاد يمزق الضلوع ،، أجل فجر حالم هفا بفؤاد حزين يروم الإنطلاق وتشوف المجهول هنا ،، رائحة حنين غامض كلما تحرك بالصدر شمله الغرق بم يوقع صداه ،، تأخذك وجهات إلى بعيد ،، للحظة تظن أنك قد هربت ،، فهل يمكنك الهروب ؟! ،، كيف ستمضي إلى قدرك ؟! ،، وإلى أين ظننت بأن قادر على ذلك ؟! ،، يا شياطين الوله دعي الحلم يعود ثانية واعدك بألا أغامر بالحلم به إلى الأبد ،، الأشياء لا تنظر لك ،، متعاميا عما بين هذا وذاك ،، ميلاد وموت ،، هذه هي الحياة ،، فالكون ليس بالصغير ،، بل أنت ،، والحلم سيجدك في أي مكان ،، |
نتصور أننا نطوع المصير لإرادتنا ،، قادرين على تحديد الوجهة والتوجهات ،، لكن هل لنا في الحقيقة أي خيار في الطريقة التي نرتقي بها ؟! ،، أو نهوى بها ؟! ،، أو أنها قوة أكبر منا ترشدنا إلى الطريق ؟! ،، فمن الواضح أن الإنسان لا يمكنه أن يختار النصر ،، يمكنه فقط الوقوف عندما يأتي نداء القدر ،، آملا أنه سيكون لديه الشجاعة لكي يجيب ،، ودائما الهدف قاسيا عندما يستقر في كونه الحفاظ على الذات ،، كالعاطفة ،، كالأرض وهي تعلم حقائق نزاع الحياة مع الموت ،، مع الأمل والثقة ،، فربما ما زال هناك بصيص عن الحب الذي كنا نعرفه ،، لذلك وجدت فسحة لمعاودة خواطري السعيدة عن الحياة الجديدة التي أمنت نفسي بها ،، والتي أرجو بها أن أستنقذ من غياهب الهموم تلك النظرة الباهرة التي أسكرت الروح من الأعماق ،، حتى أقبلت على الزمن بأمل جذاب ،، خيط طويل الأمد مجهول المصدر ،، يقول : أين ما تتحدث عنه ؟! ،، فقلت : ولكن لا ذنب لي ،، يضحك ويقول : لا مكان لك بيننا ،، وجعلت أغوص في الحيرة والظلام ،، أقلعت عن تدخين ما حولي ولكن ظلت الزفرات فر€جتي ورؤى يقظتي ،، وكلما لمحت شئ من الراحة تراءت لخيالي ابتسامة ،، ملقيا بشفتي بين أحضانها ،، متلقيا منها مسرات الأريج والألوان ،، فيقول : لا تبال بشئ ،، سألته : خبرني كيف يروق لك الابتسام ؟! ،، همس بإغراء : لا تبال بشئ ،، فقلت مسحورا : ها قد وصلت ،، ألا تسمع تغريد البلابل ؟! ،، واندفعت أغني " الزهر في الروض ابتسم " ،، ومن كل ركن ترامت أغنية مشرقة ،، حتى جلست بلا حراك وأنا أبتسم ،، وحرصت على كتمان السر ما وسعني ذلك ،، غير أن الحياة لها رائحة ناطقة من المتعذر إخفاؤها إلى الأبد ،، تتجلى آثارها في الأحزان الموسمية ،، واستجاب القدر فجاد علي بالعزيز المنشود ،، لم أره من قبل ،، كان يرتدي ملابس من كتان أبيض ومعطف من جلد النمر وعلى رأسه تنتصب حمامة ،، سألته بدهشة : من أنت ؟! ،، فقال بهدوء مفعم بالثقة : ولماذا تسأل ؟! ،، ولم يداخلني شك في صدقه أو قدرته ،، وتلقيت ذلك فيما يشبه الإلهام الذي لا يناقش ،، كأن تجئ ثمرة بعكس طريق غرسها ليصبح تثاؤب أغصانها خرافة ،، فقلت بحنق : وددت لو أعرف ،، فقال : ولماذا تثقل رأسك ؟! ،، فكرت في قوله ،، ألا يجعل ذلك المستحيل ممكنا ؟! ،، الراحة ستتوفر بكثرة تفوق الحصر ،، بذلك لا يهدر عناء ولا يتلاشى سرور ،، دون حاجة ملحّة ،، كأن تملك زمام أمرك بيدك ،، تحقق حلما متجاوزا كافة العقبات ،، معركة بين ما يوجد وبين ما سيوجد وأثناء ذلك قد تفقد المعاني معناها ،، السؤال عن الرغبة والرهبة سيتم اختزاله : البقاء أو الهلاك ،، لكل شئ هناك وقت ،، ولكل وقت هناك سبب ،، الأرض تسارع بدورانها ونحن نحاول بكل قوتنا ألا نقع ،، مثل أول بادرة للشتاء التي تعلن بداية الهجرة ،، هل هناك تحذير لما يسبق البرودة في أطراف الأجنحة ؟! ،، أو حدث واحد حرك هذه السلسلة من الخفقات في سرب الفراغات ؟! ،، الوصول التكيف الهروب ،، في أعماق الغيم أم في ما يغمره شعاع القمر ويمتد على سطح البحر ،، فلو أمسكنا بهذه اللحظة فهل سنفعل شئ مختلف ؟! ،، قد تختلط العناصر في البداية ،، أوطان قديمة تُركت ،، وجوه غريبة أصبحت مألوفة ،، وأحلام جديدة لتحدي النوم ،، لتحويل النظام إلى فوضى ،، والمعاناة في تحدي الحقيقة الصاعقة حينما الأغصان ترتجف تحت الأقدام ،، فعندما نكتشف الآفاق المختفية خلف السراب طاقتنا تصبح بلا حدود ،، توقعات اليوم والغد الملئ بالوعود ،، لكن عندما تبدأ المقاومة يبدأ الشك ،، فمن أين يأتي هذا النداء ؟! ،، وتلك الرغبة في غمر كافة أسرار الحياة بالأخيلة عندما تعجز عنها أبسط الإجابات ،، لماذا ننتظر ؟! ،، لماذا نحلم ،، ربما إذا لم ننظر إلى أي شئ ،، لا شغف لا رحمة ،، ولكن الأرواح طبيعتها الحلم والقلب مصيره النبض ،، فهكذا نلامس الجراح دون نزف أوجاعنا ،، ودون أن يجيبنا سر واحد ،، كالنار والحب ،، ضوء متوهج لفجر جديد ،، رحلة طويلة في البحث عن المعنى لنجده قريب لم يغادرنا ثانية ،، حتى لا يعود صمت الوحدة وأصواته المزعجة ،، |
" الليلة صامتة ،، دائما هادئة ،، دائما براقة " ،، وحلم غريب ،، لم يشعر بالماء وهو غارق في الشعور ،، ينسيه النوم وزنه وتجيبه لماذا ؟! ،، لماذا الاستيقاظ ثقيل ؟! ،، فبعد آخر محاولات النوم ستتوقف المقاومة ،، صوتها اللحن أعلم ،، فما هي الحياة غير التواجد بجانبك ،، تعالي ،، تدفقي كالنهر داخلي ،، دعيني أحيا بغرقي ،، نصلي كل يوم ،، منذ أن تعلمنا الاستجابة ،، حيث تكون الرحمة ،، أواه يا قلب صابر ،، لا يدمي جرحك إلا الزمان ،، من النبض وآخر ما يسمع ،، متلذذا بانفراده به ،، من شك ويقين يفزع أحدهما إلى الآخر لائذا بجناحه هاربا منه ،، ـــــــــــــــــــــــــــــــ * * ( ثم إن الأرض لم تستوعب الأحزان ،، كلما سال على الكوكب ليل جدّ ليل ،، دم قلب الأرض يبكي ،، ملكوت الأرض تبكي ثم أن الأرض لم تستوعب الأعداء ،، والعملاء والأحزاب والفرقاء ،، يزني الشر ،، بطن الأرض لا تستوعب اللقطاء ،، وحم وقابلة وحمل كاذب بالخير ،، أوجاع ولا نور مع الأرواح يولد ،، لحم أجساد على الأرض يسيل ،، كلما سال على الأجساد ويل جدّ ويل ،، لملم العاجز فكيه ،، ولمّ الدمع عينيه ليبكي ،، خرس العاجز يحكي ،، دمع عين الأرض يبكي ،، ملكوت الله يبكي ،، ثم إن الزرقة مشغولة الأطراف بالغيمات ،، * ثم إن العام ،، هذا العام قد جاء حزينا ،، كل عام صار وجه العام يأتينا حزينا ،، عامنا جاء حليق الرأس ،، حاسر الرغبة في تقبلينا ،، زيّن الأشجار بالموتى ،، ومات ،، ثم إن الأرض لم تستوعب الموتى ،، فماتت ،، ثم إني ضقت بالحزن وضاق الحزن بي ،، فخلعنا بعضنا ،، واخترت أن أبقى بلا حزن ،، وأن أصفو ،، أشفّ ،، أتجلى لحظة الكشف ،، وروحي إذ تخف ،، جسدي أخلعه فوق عري الستر للستر ،، وقلب الكون مكشوفا ،، يجف ،، ثم إني اخترت أن أمضي لأمضي ،، ملكوت الله كشف ،، ثم إني أن أصحو لأغفو ،، هُزّ أرض الله ،، وافر ش لي تحت سماء الله نوما من حصير ،، بشر يأتون من رعب الكهوف ،، من المغارات السحيقة ،، إن أتوا ليلة الميلاد كي يلهون جهرا بالضمير ،، قل لهم : نامت على كشف كبير ،، ) من بحر الشاعرة : أشجان هندي |
وحديث عن الذكرى ،، ومن عجيب الأمور أننا قد نحيا حياة سعيدة نخالها طويلة في حلم طويل الأجل ،، وما تعتم أن تطرق اليقظة مغلق الأجفان فينتقل النائم من عالم الأحلام المخدرة إلى دنيا حقائق شديدة الجفاء ،، وما يجد يده قابضة إلا على هواء لم يمسس رئته ،، سيحظى ذات يوم بشيطان بريئا فيؤاخيه ،، ذوى ذلك الطريق ،، وما تجمع فيه من لآلئ الآمال ودخان الأحلام ،، اختفت الأسطورة ورجع التاريخ إلى مجراه ،، كأن تثقل الخطوات والدموع تسابق بعضها إلى ذاك المكان ،، يروي ما احتفظت به الذاكرة من أشياء ينتشلها من جوف أمواج النسيان ،، ولكننا لا نعرف كل شئ ،، لا نعرف كائن الحب كان وكيف سيكون ،، مهما فرحنا بدواوين العشاق وأهواءهم بين الرفوف ،، مهما تكلل غبار الضيق بوعود الفلاسفة وجنونهم ،، ذكرى تولد ذات يوم يشد انتباه رائحتها خبر يجري بسهامه في بطاقة دعوة ،، وان ذكره الحظ في ثنايا رسالة وضعت في قارورة ،، كما أن الوقائع لا تتناسب دائما مع الرغائب ،، نغادر والأحداق تنوء بالفراغ من كل شئ ،، تقشر الطلاء ،، تجلت حقائق مخيفة ،، حقائق معبودة خارج معابد الذكريات ،، حقائق توشك أن تعلن عن ذاتها بلا نفاق ،، ما النور إلا شعاع كاذب تتسلى به الشمس ،، وحديث الموج لا ينتظر الوقع ولا يتحين الصدى ،، غريق يتربص مصيره ،، يمتطي خفقات لا تستعير من زبد الحياة إلا أعذب أمنيات الوجد لكوكب الشفق ولنجمة الليل الوليد فوق الضفاف ،، يسمو بالأصوات ما بين الغمام وينتقل بالخطى من صخرة لأخرى وطرف ساجي ناعس استأثر به الأفق ،، لحظات وليس فيها أمل سواك ،، عجبت كيف يغلبها الانفعال فتلقي على سمع احتضانها للرمل بما يجرح ،، نثار أعصاب وقتي لا قيمة له ،، ورغبات كامنة قابلت مجاديف الزمان بثورة تجاوزت حدود الحكمة ،، وفي عدسة الأيام صور غرة جاهلة لا تدري لأحزانها سببا ،، ثم تجلي لها أيام أخر جوانب من المحن ،، هاتكة بقسوتها ما استتر من الخفايا في مبعث الآلام والملاذ الوحيد منها ،، |
غاب النجم ،، ولكن ثمة أصوات تومض وتتجسد ،، ومغامرات تقبل مع الشروق ودنيا تنكشف عن عجائب ،، أكان حلما ؟! ،، لكنه حلم له قوة الحقيقة وثقلها ،، وقد قيل " إرضاء ،، كلمة تقال ولا تخال حتى يصاغ من الخاتم خلخال " ،، فإن الأيدلوجية التي في سويداء القلب تنضح بما يضيع من العقل على الورق ،، لطخة ريشة أم رذاذ موجة ،، تتسع حدود الزمن إلى ما لانهاية من الأسطورة الناعسة إلى الضباب الغريب ،، انخفض سقف الأحلام وصارت حدود الإرضاء كحدود الواقع كلها تقع على حد الكفاف والحد الأدنى من القناعة ،، انكسرت حياتنا ولم تكتف بواقعنا بل كسرت أحلامنا ،، لا نريد الكثير ولا نطمح في المزيد ،، نريد أن ترضى الحياة عنا وان كانت على قيد الموت ،، لا تجاوز أبعد أطراف يومنا ،، ينحسر البحر ويقرصني الملح حتى يطعم هذا القلب الممزوج بالجمر ،، يبخر عمره كطفل في طرد بريدي ممهورا بلفائف الابتهالات ،، والحلم يتصاعد مع خيوط الكلام يتألم بلا عيون ،، الدمعة دم والوجه ليل ،، مستنقعا ملأ علبة السجائر التي عاثت برماد لم ترض عنه الرئة ،، حط كالطائر على باب السماء ولكنها لم تفتح طرق المواويل وسيل المواجع ،، مبددة للفرص وساحقة للأمل ،، تعصب الأفق بمنديل أسود وتمنع متعة الرؤى ،، إني هويتك والهوى يحلو إذا ما يصدق قلبي باسمك نابضا يهوى هواك ويعشق لا تجزعي من صمته فجميعه صخبا يتحرق فالألوان لغة دارجة ،، درجة حرارتها الطبيعية هي درجة الموت ،، تسخر في تقليبها أحرف الزوايا فوق اتون النفس وقد تداعت مملكة لم ترض الوطن ،، لكن لم يبق من عزاء سواك ،، لأقول أنه لم يبق من عزاء دون سواك ،، عقدة لا حل لها ،، غاضت نوازع السحر فتوارت في أعماق بعيدة ،، اختفت بروق الآمال في سماء ملبدة بالغبار وصمتت طبول النصر ،، غاص الوجدان في دوامة لا قرار لها ،، والطريق مفعم بالحركة الصوت والرغبة ،، تحاصره مطالب الحياة ،، لا سرور ولا غرور ،، صفحة مبسوطة لم يملها القطر قطرة واحدة ،، شهادة مجسدة ومرعبة ،، بدأت بعهد قطف الثمار وانتهت بجريمة غرسه ،، تخطر كنسمة شاردة من جحيم القيظ ،، ارتقت الحلم وهفت بين طيات مقطرة من حنين مغموس بالأسى ،، تنشقت الغرق بالذكريات كعطر وردة محنطة ،، وتجسد في الفراغ همسات ودموع ضحكات ،، ومخلفات من نوايا قديمة كالدماء ،، ارتويت من الحياة حتى غلبني الموت ،، فالقلوب أسرار والكآبة ماكرة ،، بوابات ضخمة تقوم مقام الحدود تنتشر كالعناوين ،، تلقي التحية على الغد بلسان يتردد في هذا العالم وبقلب سكن عالم آخر ،، انتشر الليل فماجت النفس وفاضت بالظنون ،، كحلم قصير مذهل لا تتخيل فيه حقيقة حتى تتلاشى امتلأت العين بالحيرة كوعاء مكشوف تحت المغيب قادته قدماه إلى أحجار البحر ولذلك أصبح أحمر ،، |
أرجوحة ومجداف ،،
لا شئ سوى النوم وبندول الفراغ الرتيب يسابق الصبر ،، هاربا من المجهول كلما أرخى أحلامه على حجر مشى أمامه ،، ترتطم آفاقه كل لحظة بمتاريس أخفتها رمال الشاطئ ،، تسقط خلف الزمن كدم ينزف من جرح مفتوح يحاول أن يغسل نفسه كغراب ميت ،، هذه الكلمة التي تجعل الريح والبر والبحر والحياة أضيق من الكف ،، هل من يحاكي منا الموت ؟! ،، أسئلة نمضغها تحت اللسان فينتابنا إحساس مزمن بأننا مجرد أشرعة في منفى تكلم نفسها وتقرع أجراسها في كل اتجاه ،، فالزفرة المناسبة في الوقت المناسب تمكنك من صيد الغفوة المناسبة في بحر الحياة ،، قالت : هذا تفكير من يحاول إنبات القمح في مياه البحر ،، قال : الحلم ما هو إلا كائن خرافي ،، قالت : الخرافة الخارقة المتمكنة من كل شئ ليست بالحلم ،، كالنظرة السرمدية ،، وصرير الأرجوحة الرتيب يتساقط على أذني كالعملات المعدنية القديمة برائحتها النفاذة ،، أترك عيني تتجولان ككاميرا سينمائية نسيها مصور لتحدق وحدها في اللا شئ ،، صور جميلة تتناثر ألوانها حولي كأن كلا منها يشبه لوحة معلقة ضمن إطار ،، فحملت سلة الإرادة وقنينة الأغاني كمن يربي الألوان في مغارة ،، أضرب لنفسي موعدا كل يوم لألتقي مع ذاتي وأدخل في أعماق الطمأنينة المؤجلة التي منحتها المودة قاع العمق ،، قالت : الهواء لا يحرك الجمال بل يداعب تفاصيله الحقيقية ،، قال : ولكن الأصل هو حاجة الحقيقة للهوى وليس استهلاكه ،، ومن وجع النافذة التي تطل على سريرة النفس تنبت الزهور ،، لا نصدق بل ولا نقبل أن يتحول كل ذلك الأمل إلى نقش على حائط أبكم ،، كالباب المخلوع في حقل لم تحرثه يد السماء ،، فيصبح حتى لجريان الماء في ساق النبتة صوت وقيمة ،، وآلام التجديف كالشرخ الحارق في الحلق ،، سخية وقاسية ترتجف منها الأصابع كالأغصان ،، ليتهاوى ضوء القمر على الأرض كقمح الفقراء ،، قالت : سأجد نفسي كفيل هندي سقط من عماره لترى لحما يتطاير أمامك ،، قال : بعض الأجنحة لا تطير بمفردها ،، يتمدد كرف طويل في مكتبة مهملة ويمد مداه للنسيان ويديمه ،، يقصص أظافره والأيام تنسلخ من الحياة كدمعة الأفق لأفول السفينة ،، فالنورس لا يوزع عنبا على الغرقى ،، وبعض الاتجاهات نافرة كعنق فرس محموم ،، ما إن ناداه الحنين حتى انفجر سرب الرحيل من الفم كحبوب ذرة في مقلاة ،، قال : ظننت أني سأذهب أكثر مما سمعت ،، قالت : كلام الوجود بالقطارة ،، قال : ولكن الصمت قد تطوف به الأحلام ،، قالت : بل النبضات ليست مؤهلة لفهمه ،، ولفت انتباهي الحيوية التي تألقت بين الغيوم ،، واقترحت على شياطيني حلا داميا ولكن حيرتي المتصاعدة أخجلتني ،، دعوت موجة إلى المجئ ،، توقعت أن تتعلل بالظلام أو بعذر ما ولكنها استجابت في برود وفيما يشبه التحدي ،، اضطربت لذلك أكثر مما سررت ،، وزحفت علي نسمة مجهولة ،، غبت عن الوعي المتاح تماما ،، فألقيت نفسي من الأرجوحة حتى لامستها واسترقت إليها النظر ،، قال : إنه الحزن وأنت السبب ،، قالت ببرود : إني بريئة والحزن برئ ،، ماذا نقول وماذا نفعل ؟! ،، جلست على المقعد المصنوع من عجلة سيارة ،، بارد وتزيد نعومته من برودته ،، مددت ساقي في استرخاء مستسلما لحلم مؤجل عله يجئ كعادته ،، فآخر شهقة للخفق لا تذهب عبثا وليست انتهاء بقدر ما هي بداية لخلق رؤية أخرى ،، من ذلك الهدوء العذب الذي يضطهدك ،، محصن ضد الذبول ،، يصف الشئ كأنما يغسل اللون قبل وصفه ،، أنيق كمشاعر الإيمان ،، شرارة أمل في سماء صافية تبصر نهوض الأزهار التي يحرك قامتها هواء ربيع حالم ،، حيا للكلام ورنين معلق بالقلب كرسالة بريد ضائعة ما شاء لها المصير ،، |
ذكرتك ،، فانهمر البحر كقربة مثقوبة ،، والغروب مطلع أسنان الليل المتوثب ،، لبنة لغربة تعيد بناء طفولة منهوشة ،، أغرق في التفاصيل من حولي ،، صليل سيوف وصهيل أحصنة ،، صور لوجوه حية تعود إلى أزمنة بعيده ،، هناك تكر الذاكرة لحبة ماس لم تحك ،، افترسني ضيق مخيف وتكومت داخل ضلوعي وزفرت بحرقة متفاديا النظر إلى أي شئ ،، والموج لا يتنكر في المساء عما يوعد به في الصباح ،، يقولها وكأنه يخاطب الصخور الصماء وليس رمال الصدور الناعمة ،، تقلبات ثرية بالأحلام والأوهام والهتافات ،، اتفقنا واختلفنا في أشياء كثيرة ،، خليط من الشجن والعزة ،، كلامه عذبا يقطر شهدا لكأنك تتسلق أكمة عنب ،، يسير نصف غائب ونصف مأخوذ حتى يسلم روحه أمانة بين أحضان الشاطئ ليعود بالنفيس من جديد ،، يفتح صرة الأسرار الحساسة ،، فالرنين الأجوف لا يصدر عن غناء ممتلئ ،، فالقبر ليس هو الوطن الوحيد الآمن ،، والحياة ليست منطادا يمكن أن يثقب في أية لحظة ليتهاوى ،، وإن ساقنا المصير لتكذيبه فثمة حلم يكومه القدر ،، يمشي كشبح لا يتعثر بشئ ،، للروح خفة الريش وللجسد طراوة العشب الأخضر ،، يفتح العين حتى أقصى زاوية ليرى ويبتلع بهاء الحياة ،، والغد نحيلا حتى يخيل إلى من سيشاهده أن نسمة صيف قد تلوي عوده ،، يأتي مسرعا كمعطف يرتدي الأمس على عجل ،، وقلب حب مارد جبار لا يكفيه قمقم الكون لغسل الهواء وأهوائه ،، حتى تتفتح النوافذ المغلقة وتتبخر عن نهار الضيق غيمة ،، ولحظات ستحنطها الضحكات لتضئ هذا الجدار المعتم ،، يعلق النظر عليه زمنا لن يعود ولكنه صمت الحنين لحكايات صاخبة ،، في بيوت لا نوافذ لها ولا أبواب ،، وتقول الحكمة : الرغبة موجودة ف عشرة أجزاء ،، تسعة منها للنساء وواحدة للرجال ،، حتى لا يدمن الصمت لمن أدمن الموت ،، فالمسافر لا يتذكر أحزان المدن ،، فالضوء لا يخشى الموت في ظل شجرة الإحساس المورقة ،، وشادي القمر عازفا ومنشدا ،، كعصفور سقط من تله ،، ينصت له الوقع وتسح له العين ملحا حارقا ،، كنهر من الياسمين يلامس جسدا من الشرفات المفتوحة ،، يرتمي الشوق فيه كشارع في مدينة عتيقة لا يملك زواياه ولكن رائحته تداهم جميع الحواس والأمنيات ،، وتلك الابتسامة التي لا يقول لها شعور " لا " ،، كريستالية الودع تسكب فيها الأحلام نهرا من خلود البوح ، تشق صمت الظلام ،، تميل بهجة كأنها كيسا من السكر مثقوبا من أحد أطرافه ،، كالأغنية التي سال لعابها ثغرا ،، مسكرة للقلب بسحر يزيغ العين ،، ما أصعب أن تتحول الأماكن إلى عناوين قديمة ،، وبكاء الشمس حارا كأن الدموع تنحت وجنتي الشفق ،، سألته : ألم تلحظ أن الليل بدأ يحول الانتظار إلى أغنية ،، فقال : دعه ينام ،، |
خيمة عمر والصاري ،،
وقد يكون هنالك ما يبرر التفاؤل ،، ويدعو إلى الاطمئنان ويهزأ بروح التردد والهزيمة ،، وفيما بين الكلمة والصوت تتفجر الشكوى وأسباب التمرد ،، ثورة متواصلة بين الرضا والسخط ،، لذلك عرفت الأشواق الشمس كما عرفت الفناء ،، ويبقى سفر التدوين وحده لا يسلم نفسه للماضي ولا يأمل خيرا في دياجير المداد الجافة ،، ورويدا رويدا ،، في أعقاب إفاقته الغرق راح يتكلم عن ورقة ندية بعيدة المدى ،، والبسمة تستعيد نشاطها المألوف ،، والوصايا واجمة متحفظة أغلب الوقت ،، تصغي إليها عيون الليل بلا مشاركة ولا اندماج ،، تتبدى كالنهايات أكثر جدية موغلة في الكبر ،، وهكذا وهكذا وهكذا ،، تقتحم كل شئ ،، زوابع من الانفعالات دون مبالاة بشئ ،، إلا ما يمليه الوجدان وتتطلع إليه الأحلام ،، والأحزان تهز رأسها صامتة كأنما لا تدري ما تقول ،، كمثل حي لما كان هدف إنساني قديم للإبحار في خيمة ،، ولكن كيف تنجو بفعلتك ؟! ،، فلا تصدق ما قيل وما يقال ،، كهذه الحفر في شارع صاري ما هي إلا شعارات سياسي ماكر ،، بخلاف البحر السرمدي الأفق الذي لديه من الأمثلة ما يؤيد أن المرجان صديقا للقمر كما أن الريح معبودة الأشرعة ،، يتغير كل شئ ولا تتغير الوجوه فمتى ستفتح هذه الإشارة البغيضة ؟! ،، كأن تهرب إلى الأعماق لتتحسس منبع الوجود بين أحراش التيه فلا تتجمد الحياة في العروق ،، يستوي الماء كصبية تجلت ملامحها ،، تسير فتجذب الأنظار وتحرك الأشواق وتلهب المشاعر ،، وها هي الأحلام تتبدد ويموت كل شئ ،، ويسأل الخيام : " أسجنا ؟! ،، فلا زال شدوي حرا ،، وأنت معي خلف طرا ،، هم والجهاد وتلك الجنان ،، بحسبي وإياك فردوس أخرى " ،، طحنتنا أزمة الدروب وتخبطنا حيارى طويلا ،، وأحاطت بنا دوائر مغرية للتجديف وأبخرة تجري من حولنا ،، والأنفاس تحتوي الشهد في عناق حار ولكن الأنفس مريرة ،، ويقول الصوت في ارتياب : ثق بصمتي ،، إلى أي درجة يعتبر هذا الهاتف هاتفا بأهازيج الراحة ؟! ،، ومع ذلك يهب مناعة بخلاف ما يتصور الغياب ،، ففي الانتظار يجتاحنا الضياع فيهتز البناء من أساسه ،، ورنين القلق يتخطى تقاليده بكل عنف ،، قابلت صديقي في المقهى ،، يصغي إلى كوب قهوته متظاهرا بالتصديق ولكنه لا يؤمن بكلمة واحدة ،، فاتتني فرصة إقناعه بالعدول عن هذا المكان الصاخب ،، وكمشاركة منى صرخت : كيفك ،، فقال : تأخرت ،، قلت : حدثني عن احتضار اسهمك فإنه سيحملني على اعتناق أراء جديدة للحياة ،، فقال متحديا : كأقوى ما يكون ،، قلت : تصريح محافظ ؟! ،، ضحك طويلا وقال : أنت عابث ولا حق لك في الإطلاع على أسراري ،، ألن تأتي معنا في الغد ؟! ،، فقلت : سأشاهد البحر من هنا ،، قال : دعني أصفه كما أتخيله ،، كلام نضب وفلسفة اختصرت وطرب يمضي بلا أثر ،، فقلت : مت بغيظك ،، نترنم بالأهازيج والغرام أبكم ،، نطارد التيه والوجد شارد اللب ،، الخطوات حذرة والعمر بليد ،، وبمرور الأيام تغيب وجوه ،، ويستمر الحال لا يكاد يتغير منصوبا دائما كالرمح في أقاصي الشعور ،، وفي تاريخ متأخر نسبيا تتهيأ له الأحداث المتفجرة فيثمل من كأس القلوب ،، بلا فكرة عن متى تنقشع الظلمة أو متى تبعث الحياة في تلك الجثة الشاملة ،، والإنسان يتحايل على الصبر إذا تخطى حدوده ،، يتوثب لطرح أقدامه باستهتار يستوي أن يعدها السهر قوة أو يأسا ،، لا عودة إلى الوراء ،، وليأت الغد برسائل شوقه إذا كان مقدورا له أن يأتي ،، |
الساعة الآن 09:16 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.